responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 108

الطوسي من بغداد إلى النجف وتأسيس مدرسة الفقه والاجتهاد في تلك الديار (عام 448 للهجرة).

في هذه الفترة نرى تغييراً ملحوظاً جرى على فقه أهل البيت عليهم السلام الذي كان متناثراً وبدون تبويب وترتيب، فقد قام فقهاء الشيعة بتبويب هذا الفقه للناس، رغم أنّ هذا التبويب في أغلب الموارد لم يتجاوز حدود الروايات، سواءً من حيث الكمّ أم من حيث الألفاظ.

والمثال البارز لهذا الأسلوب ما نجده في كتاب‌ الشرائع‌ لعليّ بن بابويه القمّي (م 329) الذي كتبه على شكل رسالة لولده محمّد بن عليّ بن بابويه، المعروف بالشيخ الصدوق.

وللأسف فإنّ هذا الكتاب لم يصل إلينا ولكن من حيث الشكل وعدم تجاوزه في‌الغالب دائرة الروايات هو ما انعكس على مقولة البعض حيث قالوا عنه:

«كانت هذه الرسالة (يعني كتاب الشرائع لعليّ بن بابويه القمّي) مرجع الأصحاب عند إعواز النصوص المأثورة المسندة» [1].

وبالرغم من أنّ عملية الاجتهاد في الفقه قد تشكّلت في هذه المرحلة، ولكنّ الفقه في الواقع بقي هو الفقه المأثور، وأحياناً كان هذا الفقه المأثور يدوّن بشكل مفصّل ومشروح مع ذكر متن الروايات وأسنادها من قبيل (كتاب‌ الكافي‌ للشيخ الكليني) و (من لا يحضره الفقيه‌ للشيخ الصدوق)؛ وأحياناً يقتصر على مورد الفتوى من الرواية مع حذف الأسناد بل مع تقطيع متن الروايات، من قبيل ما نراه في كتاب‌ (الشرائع‌ لابن بابويه) (المتوفّى‌ 329) وكتابي‌ (الهداية والمقنع‌ للشيخ الصدوق) (م 381) و (النهايه‌ للشيخ الطوسي) (م 460).

وقد كان هذا الأسلوب هو المعمول به والمتداول بين فقهاء ذلك العصر، ومع هذا الحال ظهر فقهاء كبار تجاوزوا الأسلوب السائد وتحرّكوا في بيان المسائل الفقهية من موقع الاستدلال العقليّ، مثل العُماني والإسكافي.

والجدير بالذكر أنّ المرحلة الثانية من فقه مدرسة أهل البيت عليهم السلام تتشكّل من ثلاث مدارس:

أ) مدرسة قمّ وريّ‌

وقد كان فقهاء هذه المدرسة يتمسّكون في بيان المسائل الفقهية بالنصوص والروايات فحسب ولا يتجاوزونها لعملية الاستدلال العقليّ، ومن كبار هذه المدرسة يمكن الإشارة إلى الصدوقين الأب والإبن.

وقد كانت هذه المدرسة مقتدرة علمياً ومورد اعتماد الأصحاب والفقهاء إلى حدّ أنّ سفير الناحية المقدّسة الحسين بن روح أنفذ كتاب التأديب إلى قمّ وكتب إلى جماعة الفقهاء بها وقال لهم: «انظروا في هذا الكتاب وانظروا، فيه شي‌ء يخالفكم؟» [2].

ب) مدرسة العماني والإسكافي‌

وقد كان القائمون على هذه المدرسة يستخدمون الاستدلال العقليّ في المسائل الفقهية، إلى درجة أنّه نسب إليهم العمل بالقياس والاستحسان أحياناً.

وأحد علماء هذه المدرسة الحسن بن عليّ بن أبي عقيل العماني (م 368)، وقد استلم زعامة الشيعة بعد مرحلة الغيبة الصغرى، وهو أوّل من استخدم الاجتهاد


[1]. الذريعة، ج 13، ص 46.

[2]. الغيبة للشيخ الطوسي، ص 390.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 108
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست