responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 105

المشاكل الفقهية في الفرص التي سنحت له، شاهد حيّ على علم الإمام الغزير ومعارفه العميقة [1].

وقد ازدادت الضغوط والممارسات التعسّفية من قبل الحكومة العباسية في زمان الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام بحيث أنّ السلطة اضطرّت إلى إحضار الإمام في كلّ اسبوع مرّتين: الإثنين والخميس في البلاط لشدّة القلق والهاجس من نفوذ الإمام في قلوب الناس‌ [2] ولكن مع هذا الحال فقد كان الإمام عليه السلام يبعث بطلّابه ووكلائه إلى المدن لنشر فكر وفقه مدرسة أهل البيت عليهم السلام ورواياتهم.

وبعد الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام انتقلت الإمامة إلى ولده الإمام المهديّ عليه السلام، ولهذا الإمام غيبتان، غيبة صغرى ذات مدّة قصيرة وقد استغرقت 69 سنة، وغيبة كبرى بدأت من انتهاء الغيبة الصغرى وتستمرّ لحين ظهور هذا الإمام.

وبالرغم من أنّ الإمام المهديّ عليه السلام لم يستلم زمام الإمامة للناس بصورة علنية، ولكنّه ومن خلال نوّابه في زمن الغيبة الصغرى، كان يتحرّك على مستوى ارشاد وهداية أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام ويحلّ لهم مشكلاتهم العلمية والفقهية، ومن جملة ذلك ما نجده في جواب الإمام عن أسئلة «إسحاق بن يعقوب» في مجالات مختلفة [3] وكذلك يمكن الإشارة في هذا الصدد إلى توقيع الإمام عليه السلام المطوّل في جوابه عن أسئلة وكيل الناس في قم، وهو محمّد بن عبداللَّه بن جعفر الحميري‌ [4].

ب) فقهاء عصر أئمّة أهل البيت عليهم السلام‌

وقد شهدت هذه المرحلة من تاريخ فقه الإمامية ظهور فقهاء كبار قد تربّوا على منهج أئمّة أهل‌البيت عليهم السلام وكان لهم دورٌ مهم في تقوية وترشيد الفقه الإسلامي، مضافاً إلى‌ فقهاء أهل السنّة الذين اقتبسوا الكثير من مدرسة أهل البيت.

وفي هذا الفصل نبدأ ببيان ترغيب الأئمّة عليهم السلام وحثّهم على الاجتهاد والتفقّه، ثم نستعرض عدداً من الفقهاء والمحدّثين الذين تتلمذوا في مدرسة أئمّة أهل‌البيت عليهم السلام.

1. الترغيب والحثّ على الاجتهاد

لقد حثّ أئمّة أهل البيت عليهم السلام بعض طلّابهم البارزين الذين يملكون القدرة على الاستنباط والاجتهاد، على‌ ممارسة هذا الفن واستخراج أحكام الدين من خلال عملية الاستنباط:

فأحياناً كانوا يصدرون أمراً كليّاً ويقولون:

«إنَّما عَلَيْنا أنْ نُلْقِى إلَيكُم الأُصُولَ وعلَيكُم أن تُفَرِّعوا» [5].

وأحياناً أخرى يكلّفون بعض تلاميذهم البارزين ليفتوا للناس، وأحد هذه الموارد ما نجده في أمر الإمام علي عليه السلام لقُثم بن العبّاس والي مكّة من قِبل أميرالمؤمنين عليه السلام حيث قال له:

«واجلِسْ لهم العَصْرَيْن فأفْتِ المُستَفْتِي وعلِّمِ الجاهِلَ وذاكِرِ العالِمَ» [6].

ونموذج آخر ما نراه في توصية الإمام الباقر عليه السلام‌


[1]. ومنها ما ورد في فتوى الإمام عليه السلام حول المسيحيّ الزاني الذي أسلم قبل إقامة الحدّ عليه ومخالفة الإمام لرأي يحيى بن أكثم وغيره من فقهاء البلاط. (وسائل الشيعة، ج 18، ص 408، أبواب حدّ الزنا، باب 36). وكذلك هناك نموذج آخر في نذر المتوكّل واختلاف آراء الفقهاء في كيفية إجراء النذر وحلّ الإمام عليه السلام هذه المشكلة. (تذكرة الخواص، ص 360).

[2]. بحار الأنوار، ج 50، ص 251.

[3]. أعلام الورى للطبرسي، ص 452 و 453.

[4]. الغيبة للشيخ الطوسي، ص 229-/ 236.

[5]. وردت هذه الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام ومثله أيضاً عن الإمام الرضا عليه السلام. (وسائل الشيعة، ج 18، ص 41، باب 6 من أبواب صفات القاضي، ح 51 و 52).

[6]. نهج البلاغة، الرسالة 67.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 105
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست