اسم الکتاب : انوار الفقاهة(كتاب الحدود و التعزيرات) المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر الجزء : 1 صفحة : 8
إليها، كى
يكون سببا لحركة الناس إليه و ايجاد الدواعى لهم.
و حيث ان
البشارات و الإنذارات الإلهية الاخروية غير كافية لردع كثير من الناس عن مظالمهم و
معاصيهم، و حملهم على العمل بوظائفهم الواجبة، فلا بد من عقوبات دنيوية لمن
تعدّاها، او تركها، و هذا ما يسمّى في العرف بضمانة الإجراء، و معناها ان جعل
القانون شيء و اجرائه بين النّاس شيء آخر، و الذى يضمن إجرائه او حسن إجرائه هو
العقوبات المترتبة على مخالفته، بل يجعلون هذا من الشرائط الاصلية و العناصر
الذاتية للقوانين، بحيث لو خلا قانون عن ضمانة الإجراء لا يسمى عندهم قانونا، بل
هو نصيحة و وصية و حكم أخلاقى، لا قانون اجتماعى، لخلوه عن ضمانة الإجراء التى هى
من اركانه.
نعم ضمانة
الاجراء في القوانين العقلائية منحصرة في العقوبات الدنيوية، حينما تكون نطاقها في
الشرع و المذهب أوسع جدا، فالايمان بالغيب و الاعتقاد بيوم المعاد و التقوى الالهى
و شبهها، من أقوى ضمانات الاجراء و لذا قلّما يرى في المجتمعات المسلمة المؤمنة
غصب الحقوق و الاعتداء على الناس و لو لم يكن هناك عقوبات و حدود.
لكن مع ذلك،
الشارع المقدس لم يغفل عن ضمانة الاجراء الدنيوى، و لذا جعل الحدود و التعزيرات
لهذا المقصد، و للتأكيد على الضامن المعنوى و لذا ورد في روايات عديدة: «ان الله
قد جعل لكل شيء حدا و جعل على من تجاوز ذلك الحد حدا» [1]
و سيأتي الكلام في معنى هذا الحديث و شبهه مستوفى إن شاء اللّه تعالى.
و على كل حال
لو لم يكن هناك عقوبات دنيوية لمن تجاوز الحد و ارتكب الخطأ بقيت القوانين بلا
ضامن لإجرائها (كما في القوانين العقلائية) أو مع ضامن غير شامل لجميع الناس، كما
في الاحكام الإلهية، و هذه فلسفة وضع العقوبات و الحدود و التعزيرات. و من هنا
يظهر عدم صحة ما تفوّه به بعض من تعطيل
[1]- لاحظ الوسائل، المجلد 18، الباب 2 من ابواب
مقدمات الحدود، الأحاديث 1 و 2 و 3 و 5.
اسم الکتاب : انوار الفقاهة(كتاب الحدود و التعزيرات) المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر الجزء : 1 صفحة : 8