الأراضي يمكن إثبات كونها خراجية بالموازين الثابتة في الفقه [1]، كلام مختلّ، و
لازمه تعطيل هذا الحكم مطلقا، و كذا أحكام نسب الهاشميين، بل مطلق النسب، بل
الموقوفات أيضا، لا سيّما الموقوفات القديمة، و لعلّ أمثال هذه الوساوس كانت سببا
لتعطيل أحكام هذه الأراضي في عصرنا و خلطها بغيرها، و ما أشدّ الفساد الحاصل منه
شرعا من جهة اختلاط الحلال و الحرام.
بقي هنا أمران
أحدهما: إنّه لو شككنا في ذلك، و كانت هناك أرض تحتمل كونها خراجية و لكن لم
يثبت ذلك بالموازين الشرعية المذكورة آنفا، فلا تخلو عن حالات:
أن لا تكون في يد أحد، فالأصل كونها من الأنفال بحكم أصالة عدم اليد عليها.
أو يعلم بجريان اليد عليها، فان عرف صاحب اليد، فالظاهر أنّها ملكه بحكم اليد،
و ان لم يعرف، و دار الأمر بين كونها خراجية، أو ملكا، أو غير ذلك فهي محكومة بعدم
كونها خراجية لأصالة العدم، و قد يتوهّم كونها بحكم مجهول المالك، لأنّه لا يعلم
أنّ مالكه شخص خاصّ، أو جميع المسلمين، و أصالة العدم من الجانبين متعارضة.
هذا و يشكل التصدّق بها، و هو حكم مجهول المالك، فالأحوط لو لا الأقوى حفظها و
صرف غلّتها فيما ينطبق على المصرفين.
هذا و لكن الإنصاف جواز التمسّك بعدم الفتح عنوة، فتجري عليها أحكام مجهول
المالك الشخصي.
ثانيهما: قد صرّح في كلمات الأصحاب أنّ أراضي السواد من الأراضي المفتوحة عنوة،
و هي ملك المسلمين، و قد يقال: إنّ فتح العراق بالعنوة مسلّم بحسب التاريخ، حتّى
أنّه لم يكن فيه خلاف بين الفقهاء الأوّلين و كان يؤخذ منها الخراج منذ بداية
أمرها [2].