من أعمال الظالمين، فهو له حلال و ما حرّمناه من ذلك فهو له حرام» [1].
و هذه الروايات بين ما دلّ على حرمة الولاية، و ما دلّ على حرمة العمل، و ما
دلّ على الحاجة إلى إجازة ولي الأمر عليه السّلام إلى غير ذلك من التعبيرات.
المقام الثاني: هل الحرمة فيها ذاتية؟
ظاهر كلام المحقّق رحمه اللّه في الشرائع أنّ الحرمة فيها ليست ذاتية، لقوله
«و تحرم من قبل الجائر إذا لم يؤمن اعتماد ما يحرم» [2].
و لكن صرّح بعضهم بحرمتها ذاتا، و حكي عن العلّامة الطباطبائي قدّس سرّه في
مصابيحه ميله إلى هذا القول، و أنّها تتضاعف إثما باشتمالها على المحرّمات [3].
و عن فقه القرآن للراوندي أن تقليد الأمر من قبل الجائر جائز إذا تمكّن من
العيال الحقّ لمستحقّه بالإجماع المتردّد [4].
و العمدة في إثبات هذا القول ما هو المعلوم بالأدلّة أنّ الحكومة حقّ للّه و
لأوليائه المأمورين من قبله، فغيره غاصب لها غير مستحقّ لشيء منها، فالتغلّب
عليها حرام و ان عدل فيهم، كما أنّ التصدّي للقضاء لمن لم يؤذن له في الشرع حرام،
و ان حكم بالحقّ و عدل في الحكم.
و بالجملة، الحكومة و الولاية و القضاء و بيان الفتوى امور محتاجة إلى الإذن
منه تعالى أو من أوليائه، فالتصدّي لها بدونه حرام ذاتا (أي مع قطع النظر ممّا
يترتّب عليه من الآثار).
و أمّا التغلّب على امور الناس بغير رضى منهم كما هو الغالب في الحكومات و
الولايات حتّى أنّ غيره نادر جدّا، و تصرّفهم في امورهم و دعوتهم إلى التسليم
لأمرهم و نهيهم، و جعل العقوبات على المخالفين لهم فهي محرّمات اخرى، و يؤيّد ما
ذكرنا ما مرّ في بعض الروايات السابقة.
[1]. وسائل الشيعة، ج 12، ص 143،
الباب 46، من أبواب ما يكتسب به، ح 15.