و أعجب منه قوله أنّ السماع القهري أمر نادر [1] فلا تحمل عليه، لأنّه كثيرا ما يستمع الإنسان
إلى كلام غيره من دون أن يعلم أنّه بصدد الغيبة، فلمّا تمّت الجملة يرى أنّه
اغتابه، فقبل تمام الجملة غير معلوم، و بعد تمامه مضى وقت الاستماع، و هذا كثير
جدّا، و لم يرخّص في استماع الغيبة، و انتهاك عرض المؤمن للدفاع عنه بعده، فلو وجب
الدفاع لا بدّ من عدم الاستماع لأنّ إعدام الموضوع أولى من ردّه بعد وجوده.
و لا شكّ أنّ الردّ لو لم يكن واجبا، لكان حسنا بلا إشكال، و هذا غير النهي عن
المنكر، فانّ هذا دفاع بذكر ما يبطله، و ذاك مجرّد منع عن فعل الحرام استدامة.
عصمنا اللّه تبارك و تعالى بمنّه و كرمه عن الغيبة و الاستماع إليها و غفر
اللّه لنا و لمن اغتابنا أو اغتبناه جهلا منّا بذلك آمين يا ربّ العالمين.
15- القمار
و الكلام فيه يقع في خمس مقامات:
1- اللعب بأدواته مع الرهن.
2- اللعب بأدواته لا مع الرهن، بل لمجرّد اللهو، أو أغراض اخر، مثل ما يذكرونه
من قوّة الحفظ و شبهه في بعضها لو كان.
3- اللعب بغير أدوات القمار مع الرهن، كأنواع اللعب الرياضي و غيرها ممّا فيه
أغراض عقلائية ظاهرة، أو مجرّد لهو مع الرهن.
4- اللعب بها لا مع الرهن.
5- ما فيه أثر القمار من دون أن يكون فيه لعب مطلقا، بل فيه مجرّد القرعة أو
شبهها كما في «اليانصيب» و شبهه، و مثل ما كان من الاستقسام بالأزلام في الجاهلية،
و في كونه من أقسام القمار موضوعا أو حكما كلام يأتي إن شاء اللّه.