الأوّل: لا شكّ في انحصار موضوع الغيبة بما إذا كانت عن شخص معلوم أو جمع
محصورين، فلو كان عن شخص مجهول لم يحرم و لم يكن غيبة، لما عرفت من الروايات
الكثيرة الدالّة على اعتبار كشف السرّ فيها، مضافا إلى ما ذكره بعض أهل اللغة، و
إطلاق كلام جمع من الفقهاء لا بدّ أن يحمل عليه.
هذا مضافا إلى الملاك في حرمتها كما يظهر من الآية الشريفة و غير واحد من
روايات الباب كونها سببا لهتك أعراض المؤمنين، و من الواضح عدم تحقّقها بدون معرفة
المغتاب.
و الحاصل أنّه يتصوّر هنا صور:
1- ما إذا كان المغتاب (بالفتح) مجهولا مطلقا، كأن يقال رأيت رجلا بخيلا كذا و
كذا، و لا إشكال في عدم حرمته و عدم كونه غيبة.
2- إذا كان محصورا بين أفراد كثيرين، كما إذا قال: واحد من أهل بلدة كذا بخيل
دني، و هو أيضا كسابقه.
3- إذا كان محصورا بين افراد معينين، كما إذا قال: أحد أبناء فلان يشرب الخمر،
فهل يحسب غيبة، أو لا؟ الظاهر أنّه لا إشكال في حرمته، و إن لم نقل بكونها غيبة
لعدم كشف الستر إلّا ناقصا و ذلك لجعل جميع أبنائه في معرض التهمة، بل قد تكون حرمته
أشدّ من هذه الجهة، بل لا يبعد وجود ملاك الغيبة فيها و لو بمرحلة.
4- ما إذا تكلّم عن جماعة كثيرة، و قال: أهل البلد الفلاني كلّهم كذا و كذا،
فلو كان من قبيل كشف الستر عن عيوبهم كان غيبة عن الجميع، لوجود شرائطها فيه بل
كان أشدّ، و إلّا لم يعد غيبة.
5- إذا قال ذلك، و كان مراده أكثرهم و قصد كشف عيبهم المستور كان من قبيل غيبة
المحصورين، و كان حراما، و لو فرضنا أنّا شككنا في صدق تعريفها عليه لم نشكّ في
حرمته لما مرّ.
6- و كذلك إذا كان المراد بعضهم، و كانت القرينة قائمة، إلّا إذا كان البعض من
قبيل القليل في الكثير بحيث لا يخلو جماعة منه، فلا يكون كشف ستر و لا هتكا
للجميع.