و كذا الضرب بآلات اللهو، و اشتمالها على وصف ما يحرم، أو يوجب الفساد في
القلوب.
و دخول الرجال على النساء إلى غير ذلك من المحرّمات.
و لا أقل أنّ هذه الأربعة ممّا كانت من المقارنات الغالبة، بل و قد تزيد عليها
امور اخرى أحيانا كشرب الخمور، و مزاولة الغلمان، و غيرهما، و لا يزال المترفون و
الجبّارون و أهل المعاصي يتعاطونها بهذه الكيفية، فهل أنّ الحرمة ناظرة إلى هذا
الفرد الشائع الغالب المقارن للمحرّمات، أو نفس عنوان الغناء مجرّدا عنها؟
ظاهر ما عرفت من الإطلاقات حرمة الغناء بعنوانه، و لو خلّي عن جميع ما ذكر
إلّا أن يدلّ دليل على خلافه.
و غاية ما استدلّ به أو يمكن الاستدلال له امور:
الأوّل: ما ذكره في الوافي (و قد أشرنا إليه آنفا) من أنّ الذي يظهر من مجموع
روايات الغناء أنّها ناظرة إلى ما كان متعارفا في زمن بني اميّة و بني العبّاس من
دخول الرجال على النساء، و تكلّمهنّ بالأباطيل، و لعبهنّ بالملاهي، و أمّا غير ذلك
فلا محذور فيه، فلا بأس بسماع الغناء بما يتضمّن ذكر الجنّة و النار و التشويق إلى
دار القرار و الترغيب إلى اللّه و إلى طاعته (انتهى ملخّصا) [1].
هذا و قد عرفت أنّ هذا الانصراف لا وجه له بعد أخذ هذا العنوان في متن
الأحاديث الكثيرة الظاهرة في حرمته بنفسه.
الثاني: الروايات الكثيرة الدالّة على مدح الصوت الحسن و الأمر به في قراءة
القرآن و أنّه من أجمل الجمال، و أنّه صفة الأنبياء المرسلين و هي كثيرة منها:
1- ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبي
صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «لكلّ شيء حلية و حلية القرآن الصوت الحسن» [2].
2- ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «كان علي بن الحسين عليهما
السّلام أحسن الناس صوتا
[1]. الوافي، ج 3، ص 35، (باب ما جاء
في الغناء من أبواب وجوه المكاسب).
[2]. وسائل الشيعة، ج 4، ص 859، الباب
24، من أبواب قراءة القرآن، ح 3.