التوكّل على
اللّه و تفويض الأمر إليه في مهمّات الامور (انتهى).
ثمّ استدلّ
عليه أيضا بما يدلّ على أنّ «طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال فانّ المال مقسوم
مضمون قد قسمه عادل و ضمنه و سيفي به، و العلم مخزون عند اللّه و قد امرتم بطلبه
من أهله فاطلبوه» [1].
و قال: إنّه
صريح في المدّعى، ثمّ نقل بعض حالات الأكابر من علماء «البحرين» في بدء أمرهم، و
شدّة الأمر عليهم حتّى كان بعض يمضي إلى الصحراء وقت الربيع، و يأكل من حشيش الأرض
ما يسدّ به جوعه!
و أمّا
الطريق الثاني: هو التفصيل، و حاصله القول بالتعارض بين الواجب العيني من طلب
العلم، و بين الواجب من طلب الرزق، و الظاهر تقديم الثاني لأنّ في تركه القاء
النفس في التهلكة، و اخرى بتعارض الواجب العيني من العلم مع المستحبّ من الرزق،
فيقدّم الأوّل بلا إشكال، و قد يقال بتعارض الواجب العيني من طلب الرزق مع الواجب
الكفائي من طلب العلم، و لا ريب في تقديم الأوّل هنا أيضا، هذا إذا لم يمكن الجمع
بين الأمرين (انتهى كلامه قدّس سرّه) [2].
و لكن في
كلامه مواقع للنظر:
1- ما دلّ
على التوكّل على اللّه إنّما هو من الأحكام الأخلاقية، فلا تنافي الأحكام الواجبة،
مع إنّه أعمّ من المقصود.
2- كذلك ما دلّ
على تكفّل اللّه برزق طالبي العلم، بل قد يناقض ذلك ما حكاه عن بعض أكابر عصره في
أكله من حشيش الأرض! و الإنصاف أنّ ذلك للحثّ على تحصيل العلم إجمالا من غير النظر
إلى موارد وجوب «تحصيل الرزق» وجوبا عينيا.
3- قد يجب
طلب الرزق مع عدم وقوع النفس في التهلكة، كما إذا وقع عياله في عسر شديد، فلا يمكن
تقديم الثاني على الأوّل بهذه الجهة دائما.
4- ليس الأمر
من قبيل تعارض الخبرين حتّى تلاحظ نسبة الأعمّ و الأخصّ و شبهها، بل لا بدّ من
ملاحظة مرجّحات باب التزاحم لأنّها من هذا القبيل.