عَلَيْكَ بُكآءَ الْفاقِدينَ، وَ لَأُنادِيَنَّكَ ايْنَ كُنْتَ يا وَلِىَّ الْمُؤْمِنينَ، يا غايَةَ امالِ الْعارِفينَ، يا غِياثَ الْمُسْتَغيثينَ، يا حَبيبَ قُلُوبِ الصَّادِقينَ، وَيا الهَ الْعالَمينَ، افَتُراكَ سُبْحانَكَ يا الهى وَبِحَمْدِكَ، تَسْمَعُ فيها صَوْتَ عَبْدٍ مُسْلِمٍ سُجِنَ فيها بِمُخالَفَتِهِ، وَذاقَ طَعْمَ عَذابِها بِمَعْصِيَتِهِ، وَحُبِسَ بَيْنَ اطْباقِها بِجُرْمِهِ وَجَريرَتِهِ، وَهُوَ يَضِجُّ الَيْكَ ضَجيجَ مُؤَمِّلٍ لِرَحْمَتِكَ، وَيُناديكَ بِلِسانِ اهْلِ تَوْحيدِكَ، وَيَتَوَسَّلُ الَيْكَ بِرُبُوبِيَّتِكَ، يا مَوْلاىَ فَكَيْفَ يَبْقى فِى الْعَذابِ وَهُوَ يَرْجُو ما سَلَفَ مِنْ حِلْمِكَ، امْ كَيْفَ تُؤْلِمُهُ النَّارُ وَهُوَ يَأْمَلُ فَضْلَكَ وَرَحْمَتَكَ، امْ كَيْفَ يُحْرِقُهُ لَهيبُها وَانْتَ تَسْمَعُ صَوْتَهُ وَتَرى مَكانَهُ، امْ كَيْفَ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ زَفيرُها وَانْتَ تَعْلَمُ ضَعْفَهُ، امْ كَيْفَ يَتَقَلْقَلُ بَيْنَ اطْباقِها وَانْتَ تَعْلَمُ صِدْقَهُ، امْ كَيْفَ تَزْجُرُهُ زَبانِيَتُها، وَهُوَ يُناديكَ يا رَبَّهُ، امْ كَيْفَ [1] يَرْجُو فَضْلَكَ في عِتْقِهِ مِنْها فَتَتْرُكُهُ فيها، هَيْهاتَ ما ذلِكَ الظَّنُ بِكَ، وَلَاالْمَعْرُوفُ مِنْ فَضْلِكَ، وَلا مُشْبِهٌ لِما عامَلْتَ بِهِ الْمُوَحِّدينَ مِنْ بِرِّكَ وَاحْسانِكَ، فَبِالْيَقينِ اقْطَعُ لَوْلا ما حَكَمْتَ بِهِ مِنْ تَعْذيبِ جاحِديكَ، وَقَضَيْتَ بِهِ مِنْ اخْلادِ مُعانِديكَ، لَجَعَلْتَ النَّارَ كُلَّها بَرْداً وَسَلاماً، وَما كانَ لِأَحَدٍ فيها مَقَرّاً وَلامُقاماً، لكِنَّكَ تَقَدَّسَتْ اسْمآؤُكَ، اقْسَمْتَ انْ تَمْلَأَها مِنَ الْكافِرينَ، مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ اجْمَعينَ، وَانْ تُخَلِّدَ فيهَا الْمُعانِدينَ، وَانْتَ جَلَّ ثَناؤُكَ قُلْتَ مُبْتَدِئاً، وَتَطَوَّلْتَ بِالْإِنْعامِ مُتَكَرِّماً، افَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ، الهى وَسَيِّدى فَاسْئَلُكَ بِالْقُدْرَةِ الَّتى قَدَّرْتَها، وَبِالْقَضِيَّةِ الَّتى حَتَمْتَها وَحَكَمْتَها، وَغَلَبْتَ مَنْ عَلَيْهِ اجْرَيْتَها، انْ تَهَبَ لى في هذِهِ اللَّيْلَةِ وَفى هذِهِ السَّاعَةِ، كُلَّ جُرْمٍ اجْرَمْتُهُ، وَكُلَّ ذَنْبٍ اذْنَبْتُهُ، وَكُلَّ قَبِيحٍ اسْرَرْتُهُ، وَكُلَّ جَهْلٍ عَمِلْتُهُ، كَتَمْتُهُ اوْ اعْلَنْتُهُ، اخْفَيْتُهُ اوْ اظْهَرْتُهُ، وَكُلَّ سَيِّئَةٍ امَرْتَ بِاثْباتِهَا الْكِرامَ
[1]. في مصباح المتهجّد: «تنزله فيها وهو».