responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإدارة و القيادة في الإسلام المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 102

بالخنوع والخضوع التام ولا يعرفون سوى كلمة «نعم سيدي».

إنّ ترجيح مثل هؤلاء الأشخاص غير اللائقين الذين يتحركون من موقع التسليم الأعمى، بسبب بعض نقاط الضعف في روحيتهم وأفكارهم، خلّف آثاراً وخيمة وبلايا عظيمة على امتداد التاريخ البشري لجميع المدراء والقادة في المجالات السياسية والعسكرية.

ولا ينبغي الغفلة عن أنّ هذا النوع من الاختيار لا يغذي سوى «روح الاستبداد» في واقع الحكّام المستبدين والذين يرجحون التعامل مع مثل هؤلاء الأشخاص الانتهازيين وضعفاء النفوس، لأنّهم لايطيقون سماع كلمة النقد ولا يرغبون في مسائلة مهما كانت منطقية وبنّاءة.

وهذا الأمر أدى إلى حرمان «المدراء المستبدّين» من دعم وتأييد الأشخاص الملتزمين والأقوياء والواعين، وهذه الحالة تمثّل خسارة كبيرة في أمر الإدارة بحيث لايستطيع المدير جذب مثل هؤلاء الأشخاص المقتدرين وأصحاب الشخصيات المحترمة.

وأذكر في زمن نظام الشاه صدر الأمر عن جهاز الأمن «السافاك»، في أحدى‌ المرات لاستدعائي إلى طهران، فاعتقلت وجي‌ء بي إلى بناية لهذا الجهاز وأدخلوني إلى غرفة الانتظار، وقد رأيت أنّ مسؤول المكتب في غرفة الانتظار عندما كان يدق جرس الهاتف وكان رئيسه على الطرف الآخر كان يضطرب في كلامه معه، ويتحدث معه بلغة التعظيم ويخاطبه بضمير الجمع الغائب والجملة الخبرية ويقول: «يتفضل سيادة الرئيس» وقد رأيت أنّ هذه المسكين المتملق لم يكن مستعداً ليقول: «تفضل»، لأنّ هذه الكلمة «تفضل» تحمل في طياتها صيغة الأمر ولا يمكن توجيه الأمر للسيد الرئيس حتى بكلمة «تفضل» ولذلك كان يستبدل الجملة «الإنشائية» بالجملة «الخبرية».

ومع ذلك فإنّه لا يتحدث معه كمخاطب، لأنّ الخطاب، مهما كان، فإنّه مخالف لمراتب الاحترام، فلابدّ من استعمال صيغة الغائب ليضمن غاية الاحترام والتعظيم ويتعامل مع من فوقه بلغة التملق والتزلف.

أجل، إنّ مثل هؤلاء المدراء يرغبون في أن يقال لهم «يتفضل سيادة الرئيس» ولا يقبلون حتى بكلمة «تفضل».

اسم الکتاب : الإدارة و القيادة في الإسلام المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 102
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست