بل في كشف اللثام نسبته إلى عبارات كثير من الأصحاب » (5)وكأنّ وجه الظهور المذكور ما ورد من تعبيراتهم من أنّه يؤخذ مئة من الإبل إن كان القاتل من أصحاب الإبل ، أو ألف من الغنم إن كان من أصحاب الغنم ، أو مئتا بقرة إن كان من أصحاب البقر ، أو مئتا حلّة إن كان من أصحاب الحلل ، أو ألف دينار إن كان من أصحاب العين ، أو عشرة آلاف درهم فضة إن كان من أصحاب الورق ، فإنّ هذا التعبير جاء في أكثر كلمات القدماء كالمفيد في المقنعة (6)والشيخ في النهاية (7)بل صرَّح في المبسوط بالتعيين حيث قال : « وكل من كان من أهل واحد من ذلك أخذ منه مع الوجود ، فإذا لم يوجد أخذ أحد الأجناس الاُخر » (8).
ولا شك أنّ مقتضى الأصل العملي هو ما ذهب إليه المتأخرون من تخيير الجاني ما لم يقم دليل على التعيين ؛ إذ يشك من أول الأمر في اشتغال ذمة الجاني بأحد الأصناف بالخصوص تعييناً ، والأصل عدمه ، فلا يثبت عليه أكثر من اشتغال الذمة بالجامع بينها ، وهو معنى التخيير .
لا يقال :
إنّ مقتضى استصحاب بقاء شغل ذمة الجاني بالدية على إجمالها ما لم يدفع محتمل التعيين إنّما هو التعيين والخروج اليقيني عمّا اشتغلت ذمته به للمجني عليه .
فإنّه يقال :
ليس الواجب تفريغ الذمّة عن الدية بهذا العنوان الانتزاعي ، وإنّما الواجب أداء واقع ما يستحقّه المجني عليه ويملكه على الجاني ، وهو مردّد بين ما هو مقطوع الأداء ـ لو كان الجامع واجباً بنحو التخيير ـ وما هو مشكوك أصل استحقاقه واشتغال الذمّة به من أول الأمر ـ وهو أحد الأصناف بخصوصيّته ـ والأصل عدمه .
فإن اُريد باستصحاب بقاء جامع شغل الذمة بالدية على إجمالها إثبات استحقاق المجني عليه الصنف المعين الذي لم يدفعه فهو مثبت ، وإن اُريد إثبات نفس عنوان