الفعل فيه لايسمى عمدا عرفا ؛ إذ ليس هذا المقيد لفظيا على ماحققناه مفصّلاً في محله من علم الاُصول ، فراجع وتأمل .
وإن كان ذلك من جهة حديث الرفع ودلالته على الرفع الواقعي للتكليف في مورد الخطأ والنسيان فهو أيضا بلا موجب ؛ لأن مفاد هذا الحديث ليس بأكثر من رفع المؤاخذة والتبعية والكلفة على ماحققناه في محله ، فتجتمع مع فعلية الحكم الواقعي الثابت بمقتضى إطلاق دليله .
التقريب الثاني :
التمسك بحديث الرفع وتطبيقه على الجزء أو الشرط المنسي بلحاظ حكمه الوضعي ، فنرفع به جزئية الجزء المنسي أو شرطيته ، وحيث إنّ الرفع فيه واقعي بلحاظ النسيان ، فيكون هذا الحديث بمثابة المقيد والاستثناء عن إطلاق دليل الواجب ، فيثبت بضمّه إليه أنّ الواجب ملاكا أو ملاكا وخطابا ـ بناءً على إمكان تكليف الناسي بالأقل ـ في حق الناسي هو الاقل الذي جاء به ، فيكون صحيحا .
وفيه :
أولاً: ما تقدّم في نقد التقريب الأول أيضا من عدم تماميته فيما إذا لم يكن النسيان مستوعبا لتمام الوقت ؛ لأنّ الاتيان بالأكثر بين الحدّين الذي هو متعلّق التكليف ليس منسيا ، وإنّما المنسي الاتيان به في خصوص جزء من الوقت ، وليس ذلك موضوعا لحكم شرعي حتى يرفع بالحديث .
وثانيا: عدم صحة أصل التمسك بالحديث بلحاظ الجزئية والشرطية ونحوها من الاحكام الوضعية ، لا لعدم كونها شرعية ، فلا يكون أمر رفعها بيد الشارع ليقال بأنّ الرفع ظاهري ، أو يقال بأن منشأ وضعها بيده ، بل لأنّ ما فيه الثقل والكلفة إنّما هو الحكم التكليفي والأمر بالجزء لا الحكم الوضعي