اسم الکتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام المؤلف : الموسوي القزويني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 856
من « أنّ كلام القاضي [١] يعطي نجاسة السؤرين » [٢] ـ يعني : هذا
السؤر مع سؤر الجلّال ـ ممّا لا يصغى إليه ، لمخالفته الاصول المعتبرة والأخبار
المصرّحة من جهات عديدة ، كيف ولا مستند لشيء من المنع ولا الحكم بالنجاسة إلّا
ما نقل من الاستدلال عليه بالمفهوم المتقدّم في موثّقة عمّار المتضمّنة لقوله عليهالسلام : « كلّ ما أكل لحمه يتوضّأ من سؤره ويشرب منه » [٣] وقد تبيّن ما
فيه من وجوه المنع.
وقد يجاب عنه :
بعدم شموله لجميع أفراد المقام ، لأنّ آكل الجيف قد يكون مأكول اللحم فلا يجري فيه
المفهوم ، ضرورة امتناع وقوع شيء واحد موردا للمنطوق والمفهوم معا ، ولعلّه مبنيّ
على حمل آكل الجيف على ثاني المعنيين المتقدّم إليهما الإشارة ، وإلّا فعلى
أوّلهما كان في غير محلّه ، إذ لم يعهد إلى الآن من أفراد ما يؤكل لحمه ما من شأنه
أكل الجيف كما لا يخفى.
وأمّا ما يجاب
عنه أيضا : من أنّ الحكم معلّق على عدم مأكوليّة اللحم ولا مدخل لأكل الجيف فيه ،
فممّا لا يرجع إلى محصّل ، إذ لو اريد به منع جريان الحكم فيما يؤكل لحمه إذا أكل
الجيف بالعرض فمرجعه إلى الجواب السابق ، ولو اريد به منع جريانه في غير مأكول
اللحم إذا أكل الجيف فغير مفيد ، لأنّ الحيثيّتين مجتمعتان ، بل الحيثيّة الاولى
لا تكاد تنفكّ عن الثانية ، فالمنع ثابت على أيّ تقدير.
والعجب عن
الحدائق [٤] وتبعه غيره حيث جمع بين الجوابين ، إلّا أن يرجع الثاني
إلى منع انطباق الدليل على موضوع البحث وإن كان قد يجامع مورده.
المسألة
الرابعة : بالنظر في بعض
ما تقدّم يعلم الحكم في سؤر الجلّال أيضا ، وهو على ما في كلام غير واحد المتغذّي
بعذرة الإنسان محضا إلى أن ينبت عليه لحمه ويشتدّ عظمه ، وزاد في المدارك قوله : «
بحيث يسمّى في العرف جلّالا قبل أن يستبرأ بما يزيل الجلل » [٥] والظاهر أنّ
الأخير قيد يرجع إلى الحكم لا أنّه من قيود الموضوع ، وفيه التصريح بدعوى الشهرة
على طهارة هذا السؤر [٦] ، ولا فرق في ذلك بين كون
[٦] حيث قال : «
والحكم بطهارة سؤر هذين النوعين ـ أي الجلّال وآكل الجيف ـ بالقيد المذكور وكراهة
مباشرته هو المشهور بين الأصحاب » ـ لاحظ مدارك الأحكام ١ : ١٣٠.
اسم الکتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام المؤلف : الموسوي القزويني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 856