اسم الکتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام المؤلف : الموسوي القزويني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 653
والتمحّل له بالجمع بين المطلق والمقيّد غير مفهوم المعنى ، حيث لم يرد
التقدير بالكرّيّة للدابّة ، إلّا أن يراد به ما ورد في الرواية السابقة بالقياس
إلى الحمار أو هو والبغل ، وفيه : أنّ ما ورد في هاتين الروايتين أشبه بكونه من
باب المجمل والمبيّن ، مع ما في التشبّث بتلك القاعدة من إخراج الرواية أجنبيّة عن
المطلوب ، حيث إنّ « الدابّة » في تلك الرواية أيضا مطلقة ، فيحمل على مقيّد
الرواية السابقة وهو « الحمار » ، بناء على أنّ المقيّد عبارة عمّا دلّ لا على
شايع في جنسه ، إلّا أن يتفصّى بعدم المنافاة بينهما من هذه الجهة الّذي هو الداعي
إلى الجمع وحمل أحدهما على الآخر ، بخلاف ما بين التحديد بالدلاء والتحديد
بالكرّيّة ، المفيد أوّلهما الاجتزاء بما دون الكرّ كما لا يخفى ، ثمّ حمل الجمع
على الكثرة لا يقضي بتعيّن الكرّيّة ، لأنّ الكثرة لها مراتب منها الكرّيّة ،
ومنها ما فوقها ، ومنها ما دونها في الجملة ، وكون اعتبار الزائد عليها هنا منفيّا
بالإجماع ـ على فرض تسليمه ـ لا يقضي بنفي اعتبار ما دونها إذا اندرج في مفهوم
الكثرة عرفا ، إلّا أن يتشبّث لنفي كفاية الأقلّ أيضا بالإجماع ، فيتّضح حينئذ
منعه مع عدم جدواه في تتميم الاستدلال بالرواية كما هو مقصود المقام ، لكون المطلب
إنّما ثبت حينئذ بالإجماع على نفي طرفي الكرّ.
المسألة
الثالثة : فيما ينزح له
سبعون دلوا بما اعتاده البئر ، ومع الاختلاف فالأغلب كما هو صريح الروضة [١] وغيرها ، وهو
على ما اتّفقت عليه كلمة أهل القول بالتنجيس وغيرهم ممّن يوجب النزح ولو تعبّدا
موت الإنسان.
وفي المنتهى :
« وهو مذهب القائلين بالتنجيس » [٢] ، وفي المختلف : « ذهب إليه أصحابنا » [٣] وعن الغنية [٤] وظاهر المعتبر
[٥] دعوى الإجماع عليه ، ومستنده على ما في كلام غير واحد موثّقة عمّار
الساباطي المرويّة في التهذيب ، قال سئل أبو عبد الله عن رجل ذبح طيرا فوقع بدمه
في البئر؟ قال : « تنزح منها دلاء ، هذا إذا كان ذكيّا فهو هكذا ، وما سوى ذلك
ممّا يقع في بئر الماء فيموت فيه فأكثره الإنسان ينزح منها سبعون دلوا ، وأقلّه
العصفور ينزح دلوا واحدا ، وما سوى ذلك فيما بين هذين » [٦].