اسم الکتاب : مناهج الأحكام في مسائل الحلال و الحرام المؤلف : القمّي، الميرزا أبو القاسم الجزء : 1 صفحة : 775
و في إطلاق القول بذلك تأمّل. نعم لو كان البلد وطنه، أو أراد الإقامة فيه فهو كذلك. اللّهمّ إلّا أن يقال: إنّ مرادهم هو إذا لم يكن ذا قصد، بأن يكون ذاهلًا أو متردّداً، فلم يكن مقصوده طيّ مسافة معتبرة أصلًا. و بالجملة: فمع التأمّل فيما ذكرنا سابقاً يسهل استخراج هذه الأحكام.
الخامس: لو تردّد يوماً في ثلاثة فراسخ فإن بلغ في الرجوع إلىٰ ما يسمع الأذان و نحوه فيتمّ إجماعاً
، و بدونه فقد نقل عن الأكثر أيضاً التمام، و قد استدلّ علىٰ ذلك في التذكرة بأنّه ينقطع سفره و إلّا لزم القصر لو تردّد في فرسخ واحد ثماني مرّات و أزيد [1]، و قد يستدلّ أيضاً بأنّ الأصل الإتمام خرج ما خرج بالدليل، و هو ما تقدّم، و بقي الباقي.
و في بطلان اللازم في الدليل الأوّل تأمّل، و كذا لا يخلو الدليل الثاني عن شوب الإشكال، اللّهمّ إلّا أن يقال: المسافة شرط في التقصير جزماً، و الّذي تثبت شرطيّته هو قصد الثمانية، أو الأربعة المرادة فيها الرجوع، و ليس ذلك من واحد منهما، فلم يثبت التقصير، بل و لا يجوز له، لعدم تحقّق الشرط، و إذا انتفى التقصير فيثبت التمام، إذ التكليف باقٍ جزماً، و القول بالجمع غير موجود، و خرق الإجماع غير جائز، و المسألة محلّ الاحتياط.
السادس: ذكر جماعة من الأصحاب أنّ ابتداء التقدير لا بدّ أن يكون من آخر العمارة
في البلد المعتدل، و من آخر محلّته في البلد المتّسع جدّاً. و قيل: لا يبعد أن يكون مبدأ التقدير مبدأ سيره بقصد السفر.
السابع: لو جهل بكون المسافة الّتي يقصد نهايته بالغاً بقدر المقدّر و لم يكن هناك بيّنة
فلا يجب عليه التقصير و يتمّ، و لعلّ ذلك في الجملة ممّا لا خلاف فيه.
و أمّا أنّه هل يتقيّد هذا الحكم بما إذا تعذّر عليه الاعتبار أولا؟ فيه وجهان: من جهة أصالة التمام، و أصالة عدم تحقّق شرط القصر، و أصالة البراءة عن التكليف بالاعتبار و التقدير. و من توقّف اليقين بالبراءة عمّا اشتغل به ذمّته يقيناً و هو الصلاة