اسم الکتاب : غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام المؤلف : القمّي، الميرزا أبو القاسم الجزء : 5 صفحة : 185
منهم وقوع المأمور به في الخارج ، إذا علم انتفاء شرط الوقوع ، بأن يكون
مراده نفس التوطين على الامتثال ، أو امتحانهم ، أو غير ذلك ، ويترتب عليه الثواب
والعقاب وسائر الفوائد على نفس ذلك الأمر من حيث هو ، أم لا؟ فكان عدم كون نفس
الصوم فيما نحن فيه مطلوباً بنفسه مفروغ عنه عندهم ، وخلافهم في سائر فوائد لفظ
الأمر.
ولذلك قال فخر
المحقّقين في الإيضاح بعد ذكر أنّ هذه المسألة فرع مسألة أُصولية ، هي أنّه إذا علم
المكلّف انتفاء شرط التكليف عن المكلّف في وقت الفعل ، هل يحسن منه تكليفه أم لا؟
الشيخ والأشاعرة على الأوّل [١] ، والمصنف والمعتزلة على الثاني [٢] : إنّ هذه أيضاً يعني هذه المسألة الأُصولية متفرّعة
على مسألة أُخرى أُصوليّة ، وهي أنّه هل يحسن الأمر لمصلحة ناشئة من نفس الأمر ،
لأمن نفس المأمور به في وقته ، أم لا يحسن إلا مع مصلحة ناشئة منهما؟ الشيخ وابن
الجنيد والأشاعرة على الأوّل لحصول الثواب بعزم المكلّف على الفعل ، والمصنف
والمعتزلة على الثاني [٣] ، انتهى.
ولازم هذا
البناء : أنّ العلامة ومن وافقه لا يقولون بإثم هذا المكلّف المفطر في نهار رمضان
إذا انكشف أنّه لم يكن مكلّفاً بالصوم في نفس الأمر ؛ لأنه لم يتوجّه إليه خطاب
أصلاً ، أما بالنسبة إلى الصوم نفسه فواضح ، وأما بالنسبة إلى التوطين وما في
معناه فلأن كلامهم مبنيّ على عدم صحّة الأمر بمجرد مصلحة ناشئة عن نفس الأمر ، لا
المأمور به كما بنيت عليه المسألة ، وهو كما ترى ؛ إذ الظاهر اتفاق كلماتهم على
الإثم حينئذٍ.
وينبغي التنبيه على أُمور :
الأوّل
: أنّ تشبيه
المستدلّين على سقوط الكفّارة فيما نحن فيه بصورة انكشاف كون الأيّام من شوال
يُشعر بعدم الإشكال في سقوطها فيها
[١] انظر اللمع لأبي
الحسن الأشعري : ٩٩ ، والمواقف ٢٣٣ ، وشرحه ٨ : ٢٠٤.