والظاهر أنّ
المراد من دفع مضرّة المارّة والاستتار من المارّة هو ما يعمّ دفع ضررها بتوجّه
الخاطر إليها ، وتشويش الحواسّ بسببها ، ومانعيّتها عن أفعال الصلاة ، وغير ذلك.
فالمطلوب
أوّلاً وبالذات هو منعها من المرور مع الإمكان ، ثمّ تقليل أذيّتها ولو بجعل شيء
بينه وبينها ، وسواء منعها عن الأذيّة ولو بسبب الالتفات بأن يكون حاجزاً رأساً ،
أو لا ، فيكون مثل العصا والعنزة والقلنسوة والخط تصويراً للحاجز حسب ما أمكن
تأديباً للنفس ، وتذكيراً وتوجيهاً لها إلى مكان معيّن ، حتّى لا تتفرّق.
وكأن ذلك
تحديداً للنفس حتّى لا يمرّ عليها شيء من الخواطر ، فكما يستحبّ هذا التحديد
لئلّا تمرّ المارّة الظاهريّة تجاه وجهه الظاهري ، فكذا يكون تنبيهاً على أنه لا
بدّ أن لا يمرّ على خاطره شيء من الخواطر ، فالمطلوب التحرّز عن آفة المارّة
الظاهريّة والباطنية ولو بمثل الخطّ ونحوه.
وعلى هذا
فالحكمة في السترة باقية ولو أمِنَ هناك من ورود مارّة ، ولذلك عمّ استحبابها.
ولذلك يكره
المرور بين يدي المصلّي أيضاً ، سواء كان له سترة أم لا ، وحرّمه بعض العامّة [٢] لرواية أبي جهم الأنصاري : «لو يعلم المارّ بين يدي
المصلّي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمرّ بين يديه» [٣].
ثمّ إنّ الظاهر
من هذه الأخبار استحباب التحرّز عن آفة المارّة ، وقد يفهم منها التسلّط على الدفع
بمعنى أنّه لو قام المصلّي في أرض مباحة الأصل يحصل له