اسم الکتاب : غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام المؤلف : القمّي، الميرزا أبو القاسم الجزء : 2 صفحة : 124
الثامن
: أن لا يكون
سفره معصية كالفرار من الزحف ، ولا عاصياً بسفره في نفسه كالراكب للدابّة المغصوبة
في طريق الحج ، أو في غايته كالّذي يذهب ليسعى في فساد وإضرار.
والحاصل أن لا
يكون مقصوده من السفر حصول ما هو معصية ، فلا يضرّ حصولها فيه اتّفاقاً ، ولا ما
هو من لوازم شقاوة النفس وإن استمرّ مع السفر ، كمن يشتغل بالغيبة غالباً ، أو
بسائر المناهي مع قطع النظر عن السفر.
وأمّا ما
يتوهّم من عدم جواز القصر لمن كانت ذمّته مشغولة بواجب لا يتمكّن منه في السفر ،
كتحصيل العلم الواجب ونحوه [١] ، فهو بعيد ، لأنّه إنّما يتمشّى على القول باقتضاء
الأمر بالشيء النهي عن ضدّه الخاص ، وهو خلاف التحقيق.
وجعل الإباق
والنشوز وقطع الطريق المخوف من هذا القبيل أبعد ، لأنّ هذه أفعال يقصد بها ما هو
معصية ، ولكن التارك للتحصيل لا يقصد بسفره ترك التحصيل وإن حصل له ذلك اتّفاقاً.
وترك الضدّ وإن
سُلّم كونه من مقدّمات المأمور به ، ولكن فعله ليس علّة لترك الواجب مع وجود
الصارف ، وإذا انضمّ إليه عدم القصد أيضاً فلا يبقى مجال للإشكال ، سيّما والقول
بكون علّة الحرام حراماً أيضاً ممنوع كوجوب المقدّمة.
واعلم أنّا
نقول باقتضاء الأمر وجوب مقدّمته والنهي عن ضدّه اقتضاءً تبعيّاً من باب دلالة
الإشارة ، لكنّه ليس من الأحكام الأصليّة ، بل هو من الخطابات التوصليّة ..
فالوجوب والتحريم فيهما لأجل الغير ، والمعصية التي اعتبر كونها موجبة للتمام في
السفر هي ما كان العقاب على تركه بالذات ، إذ هو المتبادر من المعصية.