وكم من ضَنَكٍ
في العيش وضيق في المعيشة؟ وكم من بائقة لا ترضى بصُحبتها العيشة؟
ومع ذلك فقد
كنتُ أختلس من آناتِ غفلاته فُرَصاً ، مع ما كنت أتجرّع من مشارب الإحَنِ وكؤوس
المحنِ غُصصاً [٣].
وكنتُ شَرعتُ
في عنفوان الشّباب في استنباط المسائل من مأخذها ، وأخذت في تأليف كتاب يحتوي على
مهمّات مطالبها ، وسمّيته كتاب مناهج الأحكام في مسائل الحلال والحرام ، وقصدت فيه
بيان الأدلّة والأقوال ، وذِكر ما تبتني عليه الأحكام على التّفصيل حسب ما اقتضاه
الحال.
وعاقني عن ذلك
بَوائق الزّمان وعَوائق الدّهر الخوّان ، فربّما سوّلت لي الأيّام بمخائل تبدّل
الحال بأرفه من الحال ، وربّما سوفتني النّفس بتأميل حصول الفراغ والوقت الأمن من
القلق والزّلزال.
فاستصحبتني تلك
الشّيمة إلى الحين ، وقد جاوزت الان من الأربعين ، ولم نكتب منه بالظنّ والتّخمين
، إلّا مثل العشرة بالنّسبة إلى الستّين ، على تفرّق في الأبواب ، حسب ما ساعدتني
الأسباب ، واتّفق لي سهولة جمع المسائل في ذلك الباب.
ثمّ قد رأيت
ولّى الشّباب ، وألمّ المشيب ، وولّى وجه المحبوب ، وتدلّت شدائد قهر
[١] في «ز» : ببشعات
الأعراض ، وفي «م» : بشبعات الأمراض ، ونسخة في «ح» : بتشبّعات.
[٢] أناسي جمع إنسان
العين ، وهو حدقتها المصباح المنير : ٢٦.