ومن هنا لو اكره أحد على شرب الخمر مع تمكنه من هراقته على جيبه حرم عليه شربها جزما وقد تقدم أن التورية كما تجرى في الاقوال تجرى في الافعال - أيضا -. وكذا لو اكره الجائر أحدا على ارتكاب محرم أو ترك واجب ثم غاب عنه بحيث لا يلتفت إلى حاله. وأنه يفعل الفعل المكره عليه أو لا يفعله، فان أحدا لم يتوهم تحقق الاكراه - هنا - مع أن الملازمة المزبورة متحققة - هنا - في مورد المثالين جزما. ويضاف إلى ذلك: ما ذكرناه سابقا من أن المناط في بطلان معاملة المكره إنما هو انتفاء طيب النفس والرضاء كما بنى عليه المصنف فيما سبق، ومن الواضح أن طيب النفس متحقق فيمن تمكن من التفصى بالتورية، ومعه كيف يتحقق الاكراه. أما ما ذكره من التمسك باطلاق حديث الرفع وسائر الروايات الواردة في طلاق المكره، وعتاقه والنصوص الواردة في تجويز الحلف الكاذب بدعوى أن الظاهر منها هو عدم اعتبار العجز عن التفصى في حكم المكره عليه. فيتوجه عليه: أن التمسك بذلك إنما هو بعد احراز الموضوع: أعنى به تحقق الاكراه، وقد عرفت عدم تحققه مع التمكن من التفصى. أما ما ذكره من أن العجز عن التورية لو كان معتبرا في رفع الاثر عن الفعل المكره عليه لاشير إليه في قضية عمار وأبويه من جهة شفقة النبي صلى الله عليه وآله عليه. فيتوجه عليه أولا: أن عظمة عمار ونبوغه في العلم والتقوى مانعة عن تكلمه بكلمة الكفر مع قصده إلى معناها، بل هو لم يتكلم بكلمة الكفر إلا ظاهرا بلسانه، وكان قلبه مطمئنا بالايمان، وعليه فشأن تكلمه بكلمة الكفر