بريد؟! قال : «
إنّه إذا ذهب بريدا وجاء بريدا شغل يومه » [١].
دلّت على أنّ كلّ
بريد ذاهبا وبريد جائيا شاغل لليوم ، وأنّ كلّ شاغل لليوم يوجب التقصير ، فكلّ
بريد ذاهبا وبريد جائيا يوجبه ، وظاهر أنّ البريد الذاهب والبريد الجائي الشاغل ما
كان في يوم واحد.
وذلك حسن ، إلاّ
أنّه لا يدلّ على أزيد من مشروعية التقصير ، كما يأتي بيانه.
خلافا للمحكي في
الذكرى عن الصدوق في كتابه الكبير ، وعن التهذيب والمبسوط ، وقواه نفسه [٢] ، فأثبتوا
التخيير بين القصر والإتمام لمن رجع من يومه في الأربعة ، والإتمام لمن كان غير
راجع ، جمعا بين روايات الثمانية والأربعة ، وتضعيفا للرضوي المتقدّم ذكره.
وفيه : أنّ وجه
الجمع لا ينحصر بالتخيير ، بل يمكن بإيجاب القصر مع العود والتخيير بدونه في
الأربعة أيضا ، وضعف الرضوي مجبور بما مرّ.
مع أنّ في نسبة ما
ذكر إلى المبسوط والتهذيب نظرا ، بل الأول صريح في وجوب الإتمام في الأربعة مع
العود [٣] ، والثاني محتمل له [٤] ، كما يظهر من كلامه ـ طاب ثراه ـ فيهما.
فروع :
أ : مفاد الرضوي
وإن كان وجوب التقصير إذا كان العود في اليوم خاصة ، إلاّ أنّ مقتضى العمومات عموم
وجوبه ، سواء كان العود في اليوم أو الليلة ، أو الذهاب في الليلة والعود فيها ،
أو في اليوم ، أو كان الذهاب في يوم والعود في آخر ، خرج الأخير بما سيأتي من
المعارض والشذوذ ، فيبقى الباقي ، فيجب التقصير في
[١] التهذيب ٤ : ٢٢٤
ـ ٦٥٨ ، الوسائل ٨ : ٤٥٩ أبواب صلاة المسافر ب ٢ ح ٩.