والقول بأنّه لا
يحرم حينئذ بل بعد كشف الواقع يكون معاقبا يلزم العقاب على فعل الواجب ؛ وبأنّه لا
يعاقب ولكن تبطل جمعته يلزم الإبطال بدون دليل إذا كان سببه النهي والحرمة
المنتفيين هنا حينئذ ، ولا باعث له غيرهما. فانحصر أن يكون إذا علم أنّ بينهما
أقلّ ولو بعد الفحص يحرم ، فيكون هو المانع ، والشرط عدمه وأمّا الثاني : فمع عدم تحصيل معنى لهذه الجملة في الصحيحة ؛ إذ لا يظهر
معنى لقوله : « إلاّ فيما بينه وبين ثلاثة أميال » وتكون محتملة.
إمّا تكون الجمعة
والجماعة فيهما باقيتين على إطلاقهما ، وتكون الجملة محمولة على الإنشائيّة تجوّزا
، فيكون خطابا شرعيّا وحكما اقتضائيا ، حالها حال الأوّل.
أو تكون الجملة
باقية على خبريّتها ، وتقيّد الجمعة والجماعة بالصحيحتين ، فيكون خطابا وضعيّا ،
وإخبارا عن الواقع.
وإذ لا مرجّح لأحد
الحملين يكون مجملا لا تقيّد به الإطلاقات ، ولا تزال به الأصول.
مع أنّه على الحمل
على الصحيحتين أيضا يكون كالأوّل ؛ إذ الصحّة هي موافقة المأمور به ، فيكون المعنى
: لا يكون بين جماعتين مأمور بهما أقلّ من ثلاثة أميال ، فما كان أقلّ لا يكون من
المأمور به.
ولا شكّ أنّه لا
يمكن أن يكون المعنى : فما كان أقلّ واقعا سواء جزم بالأكثريّة أم لا ليس مأمورا
به ؛ ضرورة تحقّق الأمر حينئذ وشمول الإطلاقات له. بل وكذلك إذا لم يعلم الأقليّة
بعد الفحص وإن احتملها ؛ لعين ما مرّ. فالمعنى : فما علم أقليّته لا يكون مأمورا
به.
وممّا ذكر طهر
فساد ما حكي عن بعضهم من جعل الحكم هنا من باب خطاب الوضع ، وقوله بأنّ خطاب الوضع
ممّا يستوي فيه الغافل والمتذكّر ؛ فإنّه ليس الأمر هنا من باب خطاب الوضع ، ولو
كان لكان ممّا يتضمّن الاقتضاء