وهو كلام خال عن
التحقيق بعيد عن الصواب ، لأنّ بعد التصريح في الكتاب والسنّة بأنّ الكعبة أو مع
المسجد والحرم قبلة يجب استقبالها ما الذي يسهل خطبها ويجوّز التسامح فيها؟
وأمّا كون ما بين
المشرق والمغرب قبلة ، فقد عرفت ما يعارضه وما يراد منه [١] ، مع أنك تراهم
لا يعملون بذلك أبدا ويبطلون الصلاة بأدنى انحراف عمّا أدّى إليه العلامات عمدا.
وأمّا الخلف
والاختلاف ، فهو ناش إمّا عن الخطأ في مقتضى العلامة أو الاختلاف في فهم
مقتضياتها.
وأما الاستناد إلى
العلامات : فلأنّه المرجع عند سدّ باب العلم ، بتصريح الأخبار.
وأما عدم تعيين
العلامات في الأخبار : فلأنّه من باب تعيين الموضوع ، وهو على المكلّف نفسه ، ولا
اهتمام للشارع في بيانه ، فالواجب هو استقبال الكعبة بحيث يصدق عليه عرفا أنه
استقبلها وتوجّه إليها ، ولا تجوز المسامحة في ذلك.
نعم ، كما أنه إذا
كانت هناك منارة رفيعة قطرها ذراعان مثلا ، يخرج في قربها بعض من الصفّ المشتمل
على العشرة عن الاستقبال العرفي لها ، ولا يخرج في بعد فرسخين منها مثلا أحد من
الصفّ المشتمل على المائة ، ويقال لكلّ منهم : إنّه متوجّه إلى المنارة ، ولا في
بعد مائة فرسخ أحد من الصف المشتمل على الألف بل عشرة آلاف ، كما مرّ بيانه [٢] ، تتّسع دائرة
صدق الاستقبال العرفي في البعيد ، لا بمعنى أنّ جهة توجّه شخص واحد متّسعة يجوز له
الميل إلى كلّ جزء منها ، لأنّ الميل اليسير من البعيد يوجب الانحراف الكثير غاية
الكثرة عن الكعبة بحيث ينتفي صدق الاستقبال العرفي ، ولذا لا يجوّزون لأحد ميلا
عمّا اقتضته العلامة