نعم ، لو تمكن من
الاجتهاد الأقوى ، لم يجز التعويل عليه كما يأتي.
وهذا مراد من منع
من التقليد للمتمكن من الاجتهاد ، فأراد بالاجتهاد استعمال القواعد ، وبالتقليد
العمل بخبر الغير وإن أفاد الظن ، وإلاّ فغير المفيد له لا يجوز التعويل عليه مع
عدم التمكن من الاجتهاد أيضا.
ومنها : محاريب
مساجد بلد الإسلام ، صغيرا كان أو كبيرا ، وقبوره وبيوته ، ومحاريب الطرق المسلوكة
، لبعد اتّفاق أهلها واستمرارهم على الخطأ.
وجعله من علائم
القطع لذلك ـ كجماعة [١] ـ غير جيّد ، لإمكان بنائهم أوّلا على ما تمكنوا من
الاجتهاد المجزئ لهم واستمرارهم عليه ، سيما في القرى الصغار ، إلاّ إذا كان من
المواضع القريبة إلى الكعبة جدّا ، كمكّة وما يقربها ، فيمكن حصول العلم بما جرى
عليه أهله من القبلة ، وأما في البعيد فلا.
ثمَّ على ما عرفت
تعلم أنّ التعويل على ما لا يفيد العلم منها مختص بغير المتمكن من العلم ، وتعويله
لأجل إفادته الظن أيضا لا تعبّدا ، لعدم دليل عليه بخصوصه ، وأمّا الإجماعات
المنقولة فلا تفيد زيادة على ذلك.
وعلى هذا فلو لم
يحصل الظن منها في موضع ، لظهور مخالفتها لما يحصل من بعض قواعد القبلة ، يسقط عن
الاعتبار ويرجع إلى ما يحصل منه الظن.
نعم ، الظاهر سيما
في بلد كبير كون الظن الحاصل من قبلته المتداولة أقوى من الحاصل من استعمال
القواعد ، إلاّ إذا كانت المخالفة قليلة.
وأمّا الكثيرة
الواصلة إلى قريب من ربع الدور ونحوه ، فإن فرض تحقّقها فالظاهر عدم سقوط الظن ،
بل يظن الخطأ في إجراء القاعدة.
ومن هنا يظهر سرّ
ما ذكره بعضهم من عدم جواز الاجتهاد في الجهة وجوازه
[١] منهم : الشهيد الأول
في الذكرى : ١٦٣ ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد ٢ : ٧٢ ، والشهيد الثاني في روض
الجنان : ١٩٥.