وثالثة : بالمشرق والمغرب أي بالشمس ، بجعل الأول على الأيسر
والثاني على الأيمن ، فيكون المستقبل إليه قبلة لبلد كان مساويا لمكة طولا وزائدا
عنها عرضا ، وإن نقص عرضا فيجعل الأول على الأيمن والثاني على الأيسر.
وقيّدهما الشهيدان
[١] ، والمحقّق الشيخ علي [٢] ، وصاحب التنقيح [٣] ، وغيرهم [٤] بالاعتدالين ، أي مشرق أوّلي الحمل والميزان.
ونقل شيخنا
البهائي عن والده عدم الاحتياج إلى التقييد ، معلّلا بأنّ الخط الواصل بين مشرق
كلّ يوم ومغربه يقاطع خط الجنوب والشمال على القوائم ، فلو جعل مغرب أيّ يوم كان
على اليمين ومشرقه على اليسار في الأول وعكس في الثاني يواجه القبلة. واستجوده [٥]. وتبعهما على ذلك
بعض من تأخّر عنهما [٦].
وهو غفلة واضحة ،
لأنّ الفصل بين اليمين واليسار نصف الدور دائما لا ينقص عنه البتة ، والفصل بين
مشرق كلّ يوم غير يوم الاعتدال ومغربه أقلّ من النصف البتة ، فلا يمكن جعلهما على
اليمين واليسار ، بل ينحرف اليسار عن مغرب الاعتدال على خلاف جهة انحراف مشرق كلّ
يوم عن مشرق الاعتدال بقدر انحرافه ، ففي أول الشتاء يكون البعد بين المشرقين بقدر
الميل الكلّي إلى جانب الشمال أي أربع وعشرين درجة ، فإذا جعل على اليمين ينحرف
اليسار عن المغرب إلى الجنوب بهذا القدر ، ويلزمه انحراف القبلة عن الجنوب إلى
المشرق بهذا القدر ، وليس هذا تقريبيا حتى يتسامح فيه ، بل التفاوت بينهما بعد
المشرقين.