نعم ، لو كان عدم
استتباع الفعل للتوابع مستندا إلى عدم موافقة المأمور به ، لكان مستلزما للبطلان ،
وأمّا مطلقا ولو لمانع فلا.
هذا ، مع أنّه
يمكن أن يقال : إنّه كما تحصل البراءة عن أحدهما لا بعينه ، كذلك يستتبع توابع
أحدهما لا بعينه بمعنى التخيير ، فإن كان التابع مما يستند إلى المكلّف الآمر
كإعطاء الثواب ونحوه فالتخيير له ، وإن كان مما يستند إلى المأمور كحصول التطهر له
، أو الوفاء بالنذر ونحوه ، فالتخيير له ، بمعنى أنّ له أن يجعله من أيّهما شاء ،
فإنّ الفعل إذا انصرف إلى أحدهما بتعيينه المقارن للفعل يمكن الانصراف إليه
بتعيينه المتأخّر ، فإنّ مثل قوله : « لكل امرئ ما نوى » يشمل ظاهرا مثل ذلك أيضا
وإن كان الظاهر منه النية المقارنة ، فتأمّل.
وظهر من ذلك عدم
وجوب قصد المميز في تحقق صحة الفعل للأصل ، إلاّ إذا كان المميز قيدا للمأمور به
وجزءا له فيجب ، لما مر ، إلاّ مع ثبوت التداخل بالمعنى المذكور.
ولكن ها هنا أمرا
آخر وهو أن كما أنه يجب الإتيان بالفعل الصحيح يجب تحصيل البراءة والإجزاء عن المأمور
به أيضا ، ولا يمكن حصول البراءة والإجزاء عن واحد لا بعينه مع تعدد المأمور به
واختلاف آثارهما أو غايتهما ، إذ لا معنى للبراءة والإجزاء عن شيء له آثار وتوابع
إلاّ حصولها وترتّبها ، ولا يتأتّى ذلك في واحد لا بعينه من الأمرين المختلفين في
الآثار ، فيجب تعيين كلّ منهما تحصيلا للبراءة عنه والإجزاء ، ولكن لثبوت التداخل
بالمعنى المذكور في الوضوء بل الأغسال لا يجري ذلك فيهما ، مع عدم التعدد في
الوضوء المأمور به في حالة أبدا ، لأنّه إنما كان لو وقع الأمر بإحداث الوضوء لهذا
ولذاك وهكذا ، وليس كذلك ، بل لم يثبت إلاّ مطلوبية كونه متطهرا عند هذا وذاك ندبا
أو وجوبا ، وإنّما يجري في الصلاة ونحوها ، وسيأتي تحقيق ذلك في بحث نية الصلاة.
المسألة
الخامسة : لا يشترط في نية الوضوء قصد الوجه ، وفاقا لكلّ من لم