والجواب عن الأول ، أمّا أولا : فبأنّه إنّما يتمّ على القول بأنّ متابعة المقلّد لقول مجتهده
لأجل أنّه محصّل للظنّ بالواقع ، وهو ممنوع ، لجواز أن يكون هذا حكما آخر نائبا
مناب الحكم الواقعي وإن لم يحصل الظنّ به ، كالتقيّة وشهادة الشاهدين واليمين.
ولو كان بناء
القضاء على الظنون لزم عدم سماع دعوى كنّاس على مجتهد أنه آجره للكناسة ، ودعوى
شرّير متغلّب على مجتهد عادل في دراهم ، ولزم أن يقضي بالشاهد الواحد إذا كان
مفيدا للظنّ ، سيّما إذا كان المدّعي معروفا بالصلاح والسداد ، والمدّعى عليه
بخلافه.
وحينئذ ، فلا دليل
على اعتبار الأقوى ، بل لا معنى للأقوى والأقرب والأرجح.
وأمّا ثانيا : فلمنع إطلاق كون الظنّ بقوله أقوى ، إذ مع موافقة قول غير الأعلم
لقول مجتهد آخر حيّ أو ميّت يزعمه الرعيّة أعلم ـ بل مع احتمالها ـ كيف يكون الظنّ
من قول الأعلم أقوى؟! وأيضا قد يتمكّن غير الأعلم من الأسباب ما لا يتمكّن منها
الأعلم ، فيكون الظنّ الحاصل من قوله أقوى.
وأمّا ثالثا : فلمنع وجوب تقديم الأقوى ، غاية الأمر : الرجحان.
ومن هذا يظهر جواب
الثاني أيضا.
وعن الثالث : بأنّه قياس للقضاء والفتوى على الإمامة ، فإنّ قبح تقديم المفضول
في أصول مذهبنا في الأخير ، والقياس باطل.
[١] التهذيب ٦ : ٣٠١
ـ ٨٤٤ ، الوسائل ٢٧ : ١٢٣ أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٤٥.