فإن كان منشأ
النزاع المتحقّق أو الفرضي أحد الجهلين فلا مناص من الترافع ، أو ترك الحقّ ...
أمّا في الجهل
الأول فلأنّ الطالب لا يعلم الحكم ، فلعلّه لم يكن بذي حقّ ، والأصل عدم ثبوته له.
وأمّا في الثاني
فلأنّه لا يعلم ثبوت حقّ له ، ولا يثبت له حقّ إلاّ بالحلف أو النكول الذي يختصّ
الحكم به بالحاكم.
وكذا إن كان
المنشأ اختلاف العلماء ، فلا يجوز للطالب أخذ حقّ بدون الترافع وحكم الحاكم ، لأنّ
ثبوت الحقّ له إمّا يكون بتقليد الطرفين لمن يقول بثبوته ـ والمفروض انتفاؤه ،
وإلاّ لما كان بينهما نزاع ـ أو بحكم الحاكم.
وأمّا ثبوته
بتقليد المدّعي خاصّة فلا ، لأنّ القدر المسلّم ثبوته أنّ رأي المجتهد حكم له
ولمقلّده ما لم يزاحمهما حقّ شخص آخر لا يقلّده في ذلك الأمر ـ كما مرّ في أوائل
الباب ـ ولم يثبت من أدلّة التقليد أزيد من ذلك.
وأمّا كونه حكما
ثابتا له إذا زاحمه حقّ غيره الذي لا يقلّد ذلك المجتهد فلا دليل عليه أصلا ، فلا
يصير السيف ـ مثلا ـ ملكا له بالحبوة بتقليد من يقول بدخوله في الحبوة ما لم
يقلّده سائر الورثة أيضا ، فلا يجوز له التقاصّ بسببه.
وإن كان منشأ
النزاع الفرضي أو الواقعي مجرّد إنكار المدّعى عليه بأحد وجوهه المذكورة ، أو عدم
بقائه ، أو عدم كون الإبقاء بيده ـ كالقصاص ، أو الحقّ الذي على الصغير مثلا ،
والمال بيد ذي الحقّ ـ فقد وقع الخلاف في توقّف استيفاء الحقّ في بعض موارده على
الترافع وعدمه.