وثالثا : أنّ
المتبادر من المدّعي والمنكر في صورة ذكرهما ومقابلتهما : الذي لم يجتمع معه الآخر
، فالمراد بالمدّعي : الذي لم يكن منكرا ، وبالمنكر : الذي لم يكن مدّعيا ، كما هو
ظاهر.
ورابعا : أنّا لو
سلّمنا الجميع فلا يحكم بعد حلفهما بالتنصيف ، لجواز إسقاط حقّ كلّ منهما بحلف
الآخر ، فلا يحكم لواحد منهما ، فتأمّل.
هذا إذا كانت
دعواهما دفعة واحدة ، عرفا أو حقيقة ، وإلاّ فيحكم بها للمتقدّم ادّعاء ، وتطلب
البيّنة من الآخر أو الإحلاف ، كما مرّ.
ثمَّ إنّ كلّ ما
ذكر في هذه الصور الأربع إذا لم تكن هناك بيّنة ، وإلاّ فإن كانت لأحدهما حكم بها
له ، لأنّ البيّنة حجّة شرعيّة. وإن كان لكلّ منهما وأمكن الجمع بينهما ـ كما لو
شهدت إحداهما بملك زيد أمس ، والأخرى بانتقاله إلى عمرو الآن ، أو أطلقت أحدهما
وفصّلت الأخرى ـ جمع بينهما ، لوجوب العمل بهما مع عدم التنافي ، ولو لم يمكن
الجمع فتتعارض البيّنات ، ويأتي حكمه.
المسألة
الثالثة : لو ادّعى أحد
مالا لا يد لأحد عليه ، ليس لأحد منعه من التصرّف فيه ، ولا طلب البيّنة منه ، ولا
إحلافه ، للأصل ، والإجماع ، بل الضرورة كما قيل [١] وموثّقة منصور ،
بل صحيحته : عشرة كانوا جلوسا ووسطهم كيس فيه ألف درهم ، فسأل بعضهم بعضا : ألكم
هذا الكيس؟ فقالوا كلّهم : لا ، فقال واحد منهم : هو لي ، [ فلمن هو؟ ] قال : « هو
للذي ادّعاه » [٢] ،
[٢] الكافي ٧ : ٤٢٢
ـ ٥ ، التهذيب ٦ : ٢٩٢ ـ ٨١٠ ، النهاية : ٣٥٠ ـ ٧ ، الوسائل ٢٧ : ٢٧٣ أبواب كيفية
الحكم وأحكام الدعوى ب ١٧ ح ١ ، وما بين المعقوفين ليس في « ح » و « ق » ، أضفناه
من المصادر.