ومن باب التعارض :
ما اتّفق في هذه الأيّام في قريتنا ، فكانت فيها دار فيها طريق يعبر عنه عامّة
الناس ، فسدّ مالك الدار الطريق ولم ينازعه أحد من العابرين إلاّ واحد ، فزاحمه
وادّعى الملكيّة متشبّثا باليد الحاصلة من العبور ، فمنعنا صدق اليد له عليه ،
لعدم ثبوت ما كان ينتفع به منه أمرا مخصوصا به تصدق لأجله يده عليه.
ومنه يعلم أنّه لو
لم يكن ذلك الطريق في ملك شخص معلوم ، وادّعى أحد ملكيّته ، ونازعه واحد من
العابرين لأجل نفسه لا للعامّة ، لأجل يد العبور ، لا يصلح لمزاحمته ، لعدم كون
ذلك يدا ، وإن جاز له مزاحمته لكونه طريقا مسلوكا له ولغيره.
ثمَّ لا يتوهّم
أنّ ما ذكرنا ـ من عدم توقّف صدق اليد على التصرّفات الملكيّة ـ يخالف ما ذكره
جماعة في بحث ما يصير به الشاهد شاهدا من الإشكال في جواز الشهادة بالملكيّة بدون
مشاهدة التصرّفات ، كصاحب الكفاية ، بل المحقّق [١] ، بل قد يستشكل
مع التصرّفات أيضا ، ونقل التردّد فيه عن المبسوط [٢] ، لأنّ اليد شيء
، والشهادة على الملكيّة شيء أخر. ولذا تراهم جميعا يقولون : اليد المنفردة عن
التصرّف هل تصحّح الشهادة على الملكيّة ، أم لا؟ فيثبتون اليد ، ويختلفون في
الشهادة ، بل قد يثبتون اليد ويضمّون معها التصرّف أيضا.
وكذا لا ينافي ما
ذكروه مع ما سنذكره من اقتضاء مطلق اليد أصالة الملكيّة ، كما أنّ استصحابها أيضا
يقتضي أصالتها مع الاختلاف في جواز