التسوية عرفا ، بل
يمكن أن يقال : إنّ التأخير مناف لها ، حيث بادر بجواب أحدهما وأخّر جواب الآخر.
بل لو قلنا
بمنافاة المبادرة بجواب البادئ للتسوية لا يجب التأخير أيضا على القول بالوجوب ،
ولا يستحبّ على القول بالاستحباب ، لأنّ وجوبها أو استحبابها إنّما هو فيما إذا
علم بتسليمهما معا ، وهو غير متيقّن بعد.
هـ : وجوب التسوية
أو استحبابها مختصّ بالأفعال الظاهريّة دون الميل القلبي ، بمعنى : محبّة أحدهما ،
أو الميل إلى التكلّم معه والقرب إليه في المجلس والتعظيم له ، أو الميل إلى أن
يكون حكم الله موافقا لهواه ، للأصل ، ولأنّ الحكم على القلب غير مستطاع.
وأمّا قضيّة قاضي
بني إسرائيل المرويّة عن الباقر عليهالسلام في صحيحة الثمالي [١] ، فلا تدلّ على أنّ المؤاخذة كانت على الأمر القلبي ، بل
كانت على ما قاله بقوله : « قلت : اللهمّ » إلى آخره ، حيث أظهر باللسان ما كان في
قلبه وإن لم يظهره على الخصمين.
نعم ، يستحبّ
الاجتهاد في تطهير السرّ بحيث يتساوى عنده جميع عباد الله ، ولكنّه لا يختصّ
بالقاضي ، وكلامنا فيما يجب أو يستحبّ على شخص من حيث هو قاض.
و : لا يختصّ وجوب
التسوية فيما ذكر بحال حضور الخصمين معا ، بل يجب مع غياب أحدهما أيضا ، لإطلاق
الروايات ، وإيجابه طمع من يزيد إكرامه ، الذي هو أحد علّتي المنع في الرواية
الأولى.
[١] الكافي ٧ : ٤١٠
ـ ٢ ، التهذيب ٦ : ٢٢٢ ـ ٥٢٩ ، الوسائل ٢٧ : ٢٢٥ أبواب آداب القاضي ب ٩ ح ٢.