الثمرة والمارّة
وقلّتهما ؛ لقوله : « لا يفسد » في روايتي ابن سنان وأبي الربيع وفي مرسلة يونس [١] ـ كان حسنا لو
صدق الإفساد على ذلك لغة أو عرفا ، وهو بعد غير معلوم.
فيشكل الأمر في
العمل بمدلول تلك الأخبار ، إلاّ أن يقال : إنّ تلك الأخبار وإن كانت مطلقة إلاّ
أنّها غير باقية على إطلاقها قطعا إجماعا ، والحدّ الذي يقطع بانتهاء التقييد
والتخصيص إليه غير معيّن البتّة إذا تجاوز عمّا يؤثّر أثرا بيّنا ، فيعلم تخصيصه
ولا يعلم القدر المخصّص حينئذ ، فيكون من باب التخصيص بالمجمل ، فلا يكون حجّة في
موضع الإجمال ، وهو ما إذا تجاوز عن القدر الذي لا يستبين أثره ولا يعدّ في العرف
ضررا بيّنا ، فلا يجوز التجاوز عن ذلك الحدّ ، فعليه الفتوى.
ج : يعتبر للجواز
هنا أمور :
أحدها : ما سبق من
عدم الإكثار فيه ، بحيث يظهر أثره أثرا بيّنا فيه كما مرّ ، ولو مرّ رجل وأكل ثمَّ
مرّ الثاني ثمَّ الثالث فيعتبر ظهور الأثر في اللاحق ، ويجوز الأكل للسابق ما لم
يظهر وإن علم مرور غيره أيضا.
نعم ، على اللاحق
ترك الأكل إذا علم أكل السابق وأنّ الأكلين معا يوجبان الإفساد بذلك المعنى ، ولو
لم يعلم أكل [ السابق ] [٢] لا حرمة عليه ؛ لأصالة عدم أكل الغير.
وثانيها : كون
المرور بالثمرة أو البستان اتّفاقيّا ، بمعنى : أن لا يقصدها للأكل ابتداء ، فلو
قصدها كذلك لم يجز الأكل منها ، ولعلّه إجماعي ؛ ويدلّ عليه اختصاص أخبار التجويز
طرّا بالمرور ، الذي هو العبور عن شيء