والمرويّ في
الدعائم أنّهما قالا في من ذبح لغير القبلة : « إن كان أخطأ أو نسي أو جهل فلا شيء
عليه وتؤكل ذبيحته ، وإن تعمّد ذلك فقد أساء ولا يجب أن تؤكل ذبيحته تلك إذا تعمّد
خلاف السنّة » [٢].
والأمر في تلك
الأخبار محمول على الوجوب الشرطي ، وجعلوا الاستقبال شرطا للحلّية وهو إجماعي ،
والإجماع عليه أيضا مصرّح به في كلامهم [٣] ، وهو الدليل عليه ، وإلاّ فإثباته من الأخبار مشكل ، لأنّ
المتبادر من الأمر الوجوب الشرعي ، وهو غير مستلزم للحرمة مع ترك المأمور به.
وقوله : « فلا
تأكل » في الصحيحة الثانية يحتمل الخبريّة.
نعم ، لو كان
المشار إليه ـ في قوله : « بذلك » في الثالثة ـ هو الأكل لدلّت بالمفهوم على ثبوت
البأس ـ الذي هو العذاب ـ في أكل ما تعمّد فيه ذلك ، ولكن يحتمل أن يكون إشارة إلى
الذبح لغير القبلة.
وكذلك مفهوم جواز
الأكل يمكن عدم الجواز بالمعنى الأخصّ.
والظاهر من رواية
الدعائم الكراهة ، ولكنها خلاف الإجماع ، فالدليل هو الإجماع المعتضد ببعض ما ذكر.
ثمَّ وجوب
الاستقبال والحرمة بدونه إنّما هو مع العلم بالوجوب وتعمّد تركه ، فلا يحرم مع
نسيانه إجماعا فتوى ونصّا ، وكذا لو تركه جهلا بالحكم أو بالقبلة أو خطأ فيها ،
على المصرّح به في كلام كثير من
[١] الكافي ٦ : ٢٣٣
ـ ٣ ، التهذيب ٩ : ٥٩ ـ ٢٥١ ، الوسائل ٢٤ : ٢٨ أبواب الذبائح ب ١٤ ح ٣.
[٢] الدعائم ٢ : ١٧٤
ـ ٦٢٦ ، مستدرك الوسائل ١٦ : ١٣٨ أبواب الذبائح ب ١٢ ح ٢ ، وفيه : ولا نحب ، بدل :
ولا يجب.