وقيل : إن الشفاء
المنفيّ عن المحرّمات إنّما هو شفاء الأمرضة الروحانيّة [١].
وهو تأويل بعيد
غايته ؛ لورود الخبر مورد الأمراض الجسمانيّة.
ويمكن الجمع بأن
يقال : لا شفاء في المحرّم ، وما نشاهده إنّما هو مستند إلى أمر آخر اتّفق مقارنته
مع تناول المحرّم.
ولكنّه أيضا بعيد
، سيّما مع أقوال الأطبّاء المستندة إلى آثار الطبائع والخواصّ ، وظاهر قوله
سبحانه ( وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما )[٢].
والأولى في الجمع
أن يقال : إنّ المراد ـ والله أعلم ـ أن الله لم يجعل في الحرام شفاء ولا دواء ،
أي لم يجعله ولم يقرّره للشفاء حتى انحصر الأمر فيه وكان الشفاء والدواء منحصرا به
حتى يكون مجعولا ومقرّرا لذلك ، بل لكلّ مرض يداوي بالمحرّم له علاج آخر أيضا ،
ولكنّه لا ينفي الاضطرار إلى المحرّم ؛ لجواز أن لا نعلم ذلك الدواء الآخر ولا
نهتدي إليه ، فنضطرّ إلى الحرام.
ثمَّ إنّه ـ كما
ذكرنا ـ لا بدّ في جواز التداوي بالمحرّم من أمور ثلاثة :
أحدها : العلم
بحصول العلاج به.
وثانيها : العلم
بانحصار المعلوم من العلاج والدواء فيه. والظاهر كفاية الظنّ الغالب فيهما ؛ لحصول
العسر والضرر بالترك. والمعتبر علم المريض أو ظنّه ، سواء حصل بالتجربة من حاله أو
قول الأطبّاء ، دون علم غيره أو ظنّه ولو كان طبيبا.
وثالثها : كون
المرض ممّا يعدّ ضررا وتحمّله كان شاقّا وحرجا ، عرفا