أقول : وإن اتّسعت
دائرة الكلام في أدلّة القولين الأخيرين دلالة وسندا وتماميّة ، إلاّ أنّا لا
نطوّل الكلام بذكر جميع وجوه الضعف وعدم التماميّة ، ونقتصر على ما يكفي في ردّهما
لعدم الاحتياج إليه.
ونقول : أمّا
أدلّة القول الثاني ، فأصل الإباحة إنّما هو مسلّم إذا علم ذكر اسم الله عليه ،
وهو لا يعلم إلاّ بسماعه ، اكتفي بفعل المسلم في ذبيحته إجماعا وضرورة ، ولا دليل
عليه في غيره ، فإطلاق حلّية ذبيحته مخالف للأصل.
وأمّا الآية
الأولى ، فالطعام فيها مفسّر في أحاديث سادتنا الكبراء بالحبوب ، فلا دلالة لها أصلا
، وجعله بعيدا اجتهاد في مقابلة النصّ يجب ردّه ، لأنّهم الراسخون في العلم ولا
ينبّئك مثل خبير.
وأمّا الثانية ،
فيظهر عدم دلالتها ، بل دلالتها على خلاف مطلوبهم بما ذكرنا في ردّ الأصل.
فلم تبق إلاّ تلك
الأخبار ، وهي لو قطع النظر عمّا يمكن في أكثرها من الخدش التامّ والنظر ، بل ظهور
ضعف دلالة بعضها جدّا ، نقول : إنّها بإطلاقها مخالفة للكتاب بالتقريب الذي
ذكرناه.
بل تدلّ على
المخالفة صحيحة شعيب العقرقوفي المتقدّمة ، حيث قال فيها : « قد سمعتم ما قال الله
في كتابه » ، وهو إشارة إلى ما ذكرنا.
وموافقة للعامّة ،
كما صرّح به علماؤنا الأخيار ، قيل [١] : دلّت عليه رواية الشيباني : عن ذبائح اليهود والنصارى
والنصّاب فلوى شدقه وقال : « كلها إلى يوم ما » [٢].