شيئا لا يعلمه حتى
يعلمه ويأخذه ، فلا إبهام في معنى التعليم والمعلّم.
نعم ، لو كان
الأمر الذي يطلب تعليمه معيّنا من جهة الطالب واقعا ولم يعلم أنّه أيّ شيء ، يحصل
الإجمال من هذه الجهة. وأمّا لو لم يكن دليل على تعيينه من جهته فهو مطلق يتحقّق
بكلّ ما يصلح للتعليم ، كما في قولك : أكرم المعلّم ، وليس لفظ التعليم بالنسبة
إلى ما علم إلاّ كنسبة الأكل إلى المأكول ، فلو قال : رأيت الآكل ، أو : أكرم
الآكل ، لم يكن فيه إجمال ، وليس هناك دليل أو قرينة على أنّ مراد الله سبحانه من
المعلّم بصيغة المفعول شيء خاص لا نعلمه حتى يحصل الإجمال من تلك الجهة.
ولا يتوهّم أنّ
قوله جلّ شأنه ( تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمّا عَلَّمَكُمُ اللهُ ) يوجب إجمالا.
لأنّ المعنى : بعض
ما علّم الله سبحانه للإنسان ولا يعلمه الكلب ، ومصاديق ذلك المعنى واضحة لكلّ أحد
، ومقتضى الإطلاق عدم تعيّن ذلك البعض.
نعم ، حصل
بالقرائن والإجماع اعتبار بعض الأمور ـ التي هي أيضا من أفراد ما يعلم ـ فيجب
الحكم باعتباره ، ونفي غيره بالأصل.
وأمّا الأخبار فلا
يثبت منها اعتبار شيء مخصوص في التعليم ، لأنّ غايتها ذكر أنّ الكلب الفلاني يؤكل
صيده أو لا يؤكل ، وهذا لا يدلّ على أنّه لأجل اعتباره في التعليم وعدمه ، كما
أنّه ورد أكل صيد كلب المجوسي والأسود والمغصوب ، أو المنفرد والمشارك مع غيره أو
عدم الأكل ، وليس ذلك إلاّ كاعتبار التسمية ونحوها.
وممّا ذكرنا ظهر
لك ما في كلام المحقّق الأردبيلي ، حيث قال : وظاهر الآية أنّه لا بدّ من كون ما
يصير به معلّما شيئا علّمنا الله إيّاه في تعليم الكلب