نعم ، يمكن أن
يقال : إنّ هذه الأخبار تعارض مع أدلّة المنع ، والتعارض بالعموم من وجه ، ولا
ترجيح ، فيرجع إلى الأصل.
ومنع التعارض ،
لأنّ الغناء هو الترجيع ، وهو وصف عارض للصوت الحسن ، يوجد بإيجاد آخر مغاير
لإيجاد الصوت ، فلا يدلّ الترغيب فيه على الترغيب فيه أيضا.
مدفوع بعدم ثبوت
كون الغناء هو الترجيع ، بل يقال : هو الصوت المشتمل على الترجيع ، كما في كلام
جماعة من أهل اللغة [٢].
مع أنّ الوارد في
بعض الأخبار المذكورة الأمر بالقراءة بالحزن أو بصوت حزين ، وفي بعضها تحسين الصوت
، ولا شكّ أنّ الترجيع أحد أفراد القراءة بالحزن والتحسين أيضا ، فيحصل التعارض
على التقديرين ، ويرجع إلى الأصل المقتضي للجواز.
وتدلّ على الجواز
أيضا رواية أبي بصير الصحيحة عن السرّاد ـ المجمع على تصحيح ما يصحّ عنه ـ وفيها :
« ورجّع بالقرآن صوتك ، فإنّ الله يحبّ الصوت الحسن يرجّع به ترجيعا » [٣].
والعامي المرويّ
في المجمع : « فإذا قرأتموه ـ أي القرآن ـ فابكوا ، فإن لم تبكوا فتباكوا وتغنّوا
به ، فمن لم يتغنّ بالقرآن فليس منّا » [٤].
وتردّ بمعارضتها
لرواية عبد الله بن سنان « اقرءوا القرآن بألحان العرب
[١] مستطرفات
السرائر : ٩٧ ، الوسائل ٦ : ٢٠٩ أبواب قراءة القرآن ب ٢٣ ح ٢.