وعلى هذا ، فذكر
طعامهم بعد الطيبات لدفع ما يتوهم من لزوم الاجتناب عنه ، لاحتمال ملاقاتهم بما
يوجب التنجيس عند التصفية وغيرها ، أو من لزوم قطع الوصلة بين الفريقين للمباينة
الدينية.
والتخصيص بأهل
الكتاب ، لعله لكون أهل المدينة منهم ، مع أن حلّية طعامهم من حيث إنّه طعامهم لا
تنافي نجاسته من حيث مباشرتهم.
وأما الأخبار ،
فإن أمكن المناقشة في دلالة كثير منها ، وقرب التأويل في طائفة اخرى ، كأن يقال :
إن السؤال عن طعامهم أو مؤاكلتهم أو إخدامهم أو عملهم إنما هو من حيث هي هي ،
والحكم بطهارة بعض ما يخرج من أيديهم لعدم العلم بمباشرتهم مع الرطوبة ، أو بكونه
كافرا ، أو نحو ذلك. ولكن الإنصاف ظهور دلالة بعض منها إلاّ أنها بمعزل عن الحجية
، لترك ناقليها العمل بها ، ومخالفتها للشهرة العظيمة بين من تقدم وتأخر ، بل
للمحقق من الإجماع ، كيف لا ونجاستهم بين عوام العامة والخاصّة وخواصهم معدودة من
خواص الخاصّة ، وهما من أقوى الأسباب المخرجة للخبر عن الحجية ، كما بيّناه في
موضعه.
ومع ذلك كله فهي
لمذهب العامة موافقة باعتراف جميع الخاصة ، حتى أن السيد جعل القول بالنجاسة من
منفردات الإمامية [٤] ، وكانوا بذلك عند المخالفين
[١] الكافي ٦ : ٢٤٠
الذبائح ب ١٥ ح ١٠ ، التهذيب ٩ : ٦٤ ـ ٢٧٠ ، الاستبصار ٤ : ٨١ ـ ٣٠٣ ، الوسائل ٢٤
: ٢٠٥ أبواب الأطعمة المحرمة ب ٥١ ح ٤.