بالانقباض منها ،
الذي هو خلاف طيب النفس بها. وعلى هذا فالجمع بين الخبرين يقتضي عدم وجوب إعلام
الفقير بأن المدفوع اليه زكاة. لكن لا بد من قصده إجمالا لها ، ولا يكفي عدم القصد
، ولا قصد العدم. لكن الذي يستفاد مما دل على جواز الاحتساب على الميت وعلى الحي ،
ومما دل على كون اللام ليست للملك في قوله تعالى ( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ
لِلْفُقَراءِ ... )[١] ، وأن الأنواع الثمانية مصرف للزكاة ، جواز دس الزكاة في
مال الفقير ووضعها في كيسه ، ولو مع عدم العلم بذلك ، ولا قصده للتملك ، إذا كان
بحيث يصرفها في حوائجه. ولا سيما بملاحظة شيوع استعمال الصدقة في الأوقاف العامة
والخاصة ، التي لا تمليك فيها في مرتكزات المتشرعة. وما دل على جواز التكفير
بالإشباع ، من غير قصد التمليك والتملك وغير ذلك ، مما يفهم منه أن الصدقة عبارة
عن جعل الشيء ليصرف بنفسه ـ أو بمنافعه ـ في جهات الخير والبر والإحسان. فالبناء
على عدم جواز الدس بعد ذلك كله ـ لأجل الصحيح المذكور ـ لا يخلو من إشكال.
نعم يمكن دعوى
تخصيص الصحيح بصورة التصدق بنفس التمليك ، فإنه لا يتحقق إلا بقصد التملك. أما لو
أريد التصدق على الفقير ـ بإشباعه أو كسوته ، أو سقيه الدواء ، أو نحو ذلك من
العناوين الخيرية غير الموقوفة على القصد ـ فلا موجب لاعتبار القصد من الفقير ،
فضلا عن اعتبار إعلامه بذلك. ولأجل ذلك كله نقول بجواز احتساب ما في الذمة من رد
المظالم ، لأن ذلك الإبراء تصدق خاص ، يكفي في صحته إطلاق ما دل على وجوب التصدق
بمجهول المالك. ولو لا ما ربما يستفاد من نصوص الكفارة ، من وجوب أحد الأمرين ، من
الإشباع والتمليك ، لأمكن الاكتفاء في التكفير بالاحتساب أيضاً ، إذا كان له دين
على ستين مسكيناً طعاماً. وكذا الحال