وبعض من تأخر عنه
، حيث أهملوا ذكر ذلك في تعريف العدالة. كمنع منافاتها للسير والكف ، فان منصرفهما
خصوص العيوب الشرعية لا غير ، نظير ما ورد : من كونه ( خيراً ) ، أو ( صالحاً ) أو
نحوهما [١] لا أقل من لزوم حمله على ذلك ، بقرينة بعض النصوص الظاهرة
في حصر القادح في العدالة بارتكاب الذنوب والمعاصي مثل : «
فمن لم تره بعينك يرتكب ذنباً ، ولم يشهد عليه بذلك شاهدان ، فهو من أهل العدالة
والستر ، وشهادته مقبولة ، وان كان في نفسه مذنباً » [٢]وقريب منه غيره.
وأشكل من ذلك : الاستدلال عليه : بمنافاتها لستر عيوبه المذكور في قوله (ع) : «
والدليل على .. » إذ فيه ـ مضافا
الى ما عرفت : من انصراف العيوب إلى الشرعية ـ : أنه لو تمَّ ذلك اقتضى اعتبارها
في الطريق إلى العدالة لا فيها نفسها.
ومنه يظهر : أن
تقييدها ـ في المتن ـ بالدلالة على عدم .. إنما يناسب اعتبارها في الطريق لا غير ،
فكان يكفي عن ذكرها ـ حينئذ ـ تقييد حسن الظاهر بالكاشف ظناً .. إلا أن يريد أنها دالة
نوعا وإن علم بخلافها فيكون عدمها معتبراً في العدالة ـ نفسها ـ تعبداً ، كما
يقتضيه ظاهر العبارة لكنه غير ظاهر الوجه ، إذ الأدلة المتقدمة ـ لو تمت ـ لا تصلح
لإثباته. وأما قولهم (ع) : «
لا دين لمن لا مروة له » [٣]فمع أن الظاهر من المروة فيه غير ما نحن فيه ـ ظاهر في وجوب
المروة ، ودخلها في العدالة حينئذ مما لا إشكال فيه. كما أن بعض الأمثلة التي تذكر
لمنافاة المروة غير ظاهرة ، لإمكان القول بتحريمه ببعض العناوين الثانوية : من
الهتك ، والإذلال ونحوهما
[١] راجع الوسائل
باب : ٤١ من أبواب أحكام الشهادات.
[٢] الوسائل باب :
٤١ من أبواب أحكام الشهادات حديث : ١٣.