[١] قد أشرنا في
تعليقتنا على الكفاية الى أن العمدة في وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة عند
الاضطرار الى ارتكاب بعض غير معين من الأطراف ـ كما إذا علم بنجاسة أحد إناءين
واضطر الى ارتكاب أحدهما لا بعينه ـ هو أن دليل نفي الاضطرار يقتصر في تقييده
لإطلاق الأحكام على القدر اللازم في رفع الاضطرار ، ولا يجوز التعدي عن المقدار
اللازم الى ما هو أوسع منه ، وحيث أنه يكفي في رفع الاضطرار تقييد وجوب الاجتناب
عن النجس بحال ارتكاب الآخر المشتبه به ، يكون التكليف في حال الاضطرار إلى أحدهما
باقياً بحاله ، غايته أنه لا يجب الاجتناب عنه مطلقاً ، بل في خصوص حال ارتكاب
الآخر ، فان مثل هذا التكليف المقيد على النحو المذكور لا يوجب الوقوع في الضرر ،
فيبقى بحاله ، وإنما الموجب له بقاؤه على إطلاقه ، فيرفع إطلاقه ، وحينئذ فلا يجوز
ارتكابهما معاً ، إذ في ذلك مخالفة للتكليف المعلوم بالإجمال ، إذ المفروض ثبوت
التكليف في ظرف ارتكاب الآخر ، وقد ارتكبه ، فيكون معصية قطعية.
هذا وقد أشرنا في
التعليقة الى أن الارتكاب المأخوذ شرطاً لثبوت التكليف ليس مطلق الارتكاب ، بل
خصوص الارتكاب الرافع للاضطرار ولذا لو ارتكب أحدهما ثمَّ ارتفع الاجمال فتبين
ارتكاب النجس وبقاء الطاهر لم يحرم الطاهر حينئذ لئلا يلزم مخالفة التكليف المشروط
بشرط حاصل بل يجوز ارتكابه ، لأن ارتكابه حينئذ ليس ارتكاباً رافعاً للاضطرار ،
لارتفاع الاضطرار بارتكاب الأول النجس ، فلا يكون ارتكاب الطاهر الشرط في ثبوت
التكليف بالنجس.
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 5 صفحة : 202