ولكن قال في
الشرائع : « وفي تحليل أمته لمولاه روايتان : إحداهما : المنع ، ويؤيدها أنه نوع
تمليك والعبد بعيد عن التمليك. والأخرى : الجواز إذا عين له الموطوءة ، ويؤيدها
أنه نوع من الإباحة ، وللمملوك أهلية الإباحة. والأخير أشبه ». ومما ذكرنا تعرف أن
القول بالجواز أشبه وأوفق بالقواعد ، سواء قلنا بأن التحليل عقد نكاح ، أم تمليك ،
وأن العبد يملك ، أو لا يملك ، فإنه لا مجال لطرح النصوص المذكورة بالمباني
المزبورة. ومن ذلك تعرف الاشكال فيما في القواعد حيث قال : « ولو أباح أمته لعبده
، فان قلنا أنه عقد أو تمليك منفعة وأن العبد يملك خلت ، وإلا فلا. والأول أولى ،
لأنه نوع إباحة ، والعبد أهل لها ».
وفي كلامه الأخير
إشارة الى ما هو التحقيق من أن التحليل ليس عقد النكاح ـ كما عن المرتضى ـ ولا
تمليك منفعة ـ كما عن المشهور ـ ولا تمليك انتفاع ـ كما قد يظهر من عبارة جامع
المقاصد ـ بل هو إباحة وإذن في الانتفاع دل الدليل القطعي عليه ، فوجب القول به ،
ويكون الدليل مخصصا لقوله تعالى ( وَالَّذِينَ هُمْ
لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ ، إِلاّ عَلى أَزْواجِهِمْ ، أَوْ ما مَلَكَتْ
أَيْمانُهُمْ ، فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ، فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ
فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ )[١] ، فيدل على جواز قسم ثالث في مقابل القسمين المذكورين. اللهم
إلا أن يقوم إجماع على الانحصار بالقسمين ، كما يظهر من دعوى الاتفاق في كشف
اللثام وغيره. فيتعين إرجاع التحليل الى أحد القسمين. ولأجل انتفاء أحكام العقد من
الطلاق إن كان دائما ، ولزوم ذكر المهر إن كان متعة ، يتعين كونه من ملك اليمين ،
كما قيل. ولما عرفت من أن العقد يقتضي ثبوت الزوجية ، وهي منتفية في التحليل ،
وأنه لا ملكية للرقبة فيه ، ولا للمنفعة ، يتعين أن يكون المراد من ملك اليمين ما
يشمل