من أن الدعوى
الثانية من قبيل الإنكار بعد الإقرار ، وهو غير مسموع والبينة لما كانت مكذبة
بإقراره الأول فهي أيضاً غير مسموعة. مع أنها لا تسمع إذا لم تكن لها دعوى مسموعة
، وفيه : ما عرفت من أنه ليس من الإنكار بعد الإقرار ، بل هو من باب شرح حال
الإقرار ، وإطلاق سماع قول الأمين يقتضي قبوله ، فيسقط به الإقرار. ودعوى عدم
العموم في سماع قول الأمين ـ كما تقدمت عن الجواهر ـ ضعيفة لإطلاق قولهم (ع) «
إن اتهمته فاستحلفه » [١]الشامل له من دون قرينة على صرفه عنه. وحينئذ تظهر قوة
الاحتمال الثالث.
نعم لو فرض عدم
العموم لما دل على سماع قول الأمين تعين الاحتمال الثاني ، عملاً بما دل على قبول
قول المدعي مع البينة. وما تقدم في الجواهر من عدم سماع دعواه ولا بينته ، لأنهما
مكذبان بالإقرار ، كما ترى ، إذ الإقرار لا يكذب دعوى الغلط ولا الشهادة به ، كما
هو ظاهر.
[١] في التذكرة :
نسبته إلى علمائنا ، وفي جامع المقاصد : « هذا واضح إن كان الاختلاف قبل حصول
الربح ، لأن المالك متمكن من منع الربح كله ، بفسخ العقد ، وأما بعد حصوله فان
كلاً منهما مدع ومدعى عليه ، فان المالك يدعي استحقاق العمل الصادر بالحصة الدنيا
، والعامل ينكر ذكر فيجيىء القول بالتحالف إن كانت أجرة المثل أزيد مما يدعيه
المالك ولا أعلم لأصحابنا قولا بالتحالف ، وإنما القول بالتحالف مع الاختلاف في
الربح مطلقاً قول الشافعي ».
[١] الوسائل باب :
٢٩ من أبواب كتاب الإجارة حديث : ١٦ ، وقريب منه حديث : ١١ ، ١٧ من نفس الباب.
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 12 صفحة : 400