وقد اشتهر في
كلامهم هنا توجيه التحالف : بأن ضابط التحالف أن لا يتفقا على أمر. قال في المسالك
في كتاب الإجارة : « وضابط التحالف : أن لا يتفقا على شيء كما لو قال : آجرتك
البيت الفلاني ، فقال : بل الفلاني ، أو قال : آجرتك البيت ، فقال : بل الحمام ».
ونحوه كلام غيره. لكن التوجيه المذكور يتم بناء على أن المعيار في تشخيص المدعي
مصب الدعوى أما بناء على أن المعيار الغرض المقصود ، فالغرض المقصود في البيع ليس
إلا مطالبة المشتري بما يدعي شراءه ، وفي الإجارة مطالبة المستأجر بما يدعي
استئجاره ، والمالك ينفي ذلك ، والأصل يقتضي عدم وقوع الإجارة على ما يدعي
المستأجر. وأما المالك فهو وإن كان يدعي وقوع الإجارة على ما يدعي وقوع الإجارة
عليه ، لكن هذه الدعوى لا أثر لها في مطالبته بشيء ، وليس له غرض فيها إلا بلحاظ
ما يترتب عليها من اللازم ، وهو نفي ما يدعيه المستأجر ، ولذا يصح له الاقتصار على
بطلان دعوى المستأجر ، من دون تعرض لمدعاه. وبالجملة : بعد اتفاقهما على استحقاق
المالك للأجرة ، فالخلاف انما هو في استحقاق المستأجر لمنفعة ما يدعيه ، والمالك
ينفيه ، والأصل معه ، فهو منكر والمستأجر مدع. فاذا حلف المالك على نفي ما يدعيه
المستأجر ، فقد بطلت دعوى المستأجر ، وليس له المطالبة بشيء.
هذا إذا كان
النزاع قبل التصرف. أما لو كان بعد التصرف وانقضاء المدة فاللازم ـ بعد يمين
المالك ـ أن يدفع له أجرة المثل عن المنفعة المستوفاة مما يدعيه ، بناء على ما
عرفت من أصالة احترام مال المسلم ، لأنه لما لم يثبت استحقاقه لمنفعة الفرس التي
قد استوفاها ، كان اللازم دفع أجرتها. وأما منفعة الحمار الذي يدعي وقوع الإجارة
عليه فقد فاتت بتقصير منه ، لأنه هو الذي ترك الانتفاع بها في المدة المضروبة ،
فتكون عليه الأجرة
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 12 صفحة : 170