كماله لا يكفي في
ثبوت ضمانه. وعموم ما دل على احترام دم المسلم وماله [١] ظاهر في الحرمة
التكليفية ، بمعنى : أنه لا يجبر المسلم على العمل ولا يقهر عليه ، ويكون ذلك
حراماً ، لا أنه يكون مضموناً. ولو سلم فهو أعم من ضمان الآمر وغيره. وقد يدعى :
أنه وجه الضمان أن الأمر بالعمل نظير الإباحة بالضمان والتمليك بالضمان ، فإنه
استعمال بالضمان نافذ شرعاً كغيره. ويشكل بأنه لو سلم ذلك لم يجد مع قصد الآمر
المجانية ، وسيشير إلى ذلك المصنف (ره) في المسألة الخامسة والعشرين.
وكأنه لذلك استشكل
في مفتاح الكرامة في الضمان حيث قال : « لو لا اتفاق من تعرض لهذا الفرع على ثبوت
الأجرة عند اجتماع الأمرين ( يعني : كون العمل ذا أجرة ، وكون العامل معتاداً في
أخذ الأجرة ) إلا من قلّ ممن لا نعرفه لكان احتمال عدم الأجرة مطلقاً قوياً ، إذ
لعله لا يقصر عن قوله : أعطني ما في يدك ، وأطعمني طعامك ، وأدّ عني ديني ، ولم
يقل : وعليّ عوضه ، عند جماعة ونحو ذلك مما لا ضمان فيه ، لأنه مما يحتمل أن يكون
بعوض وأن يكون بدونه ، والأصل براءة ذمته من لزومه. ولعلّ الذي دعاهم إلى ذلك
استمرار السيرة ، ولكنها غير مستمرة فيما إذا لم يكن له عادة .. ».
أقول : قد ظهر لك
: أن موضع الإشكال صورة قصد الآمر التبرع ، إذ مع قصده الأجرة يمكن أن يكون الضمان
من جهة كون المورد إجارة أو جعالة فاسدتين ، وهما يقتضيان الضمان كالصحيحتين ، أو
أن تكون معاملة مستقلة ، أعني : الاستعمال بشرط الضمان ، فلا وجه للرجوع إلى أصالة
البراءة. أما إذا قصد الآمر التبرع ، فلا مجال لذلك. والضمان باليد والإتلاف قد
عرفت إشكاله ، لكن التفصيل بين الصورتين خلاف
[١] الوسائل باب :
١٥٢ من أبواب أحكام العشرة حديث : ١٢.
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 12 صفحة : 141