العبد وإن لم يكن
قد وهبه إياه ، فلا تدل الرواية على المدعى. بل المناسب الاستدلال بها على الخلاف
، لأن إقرار الإمام (ع) ما في السؤال من وقوع الهبة من المالك يدل على صحة الهبة ،
ولو كان العبد لا يملك كانت لغواً قطعاً.
وأما صحيح محمد بن
قيس فلأن قول الامام علي (ع) : «
وماله » ظاهر في أن المال
للعبد. وحينئذ يكون قوله (ع) : «
لأهله » منافياً له
لامتناع اجتماع الملكيتين على المملوك الواحد ، فلا بد من التصرف في أحدهما وذلك
إما بحمل الإضافة في الأول على كونها غير إضافة الملكية ، وإما بحمل اللام في الثاني
على كونها لمحض السلطنة على التصرف. والثاني أقرب ، بقرينة ما بعده ، الظاهر في
كونه تفسيراً لقوله : «
لأهله » ، بل قوله (ع) : « إلا أن يشاء .. » ظاهر في صحة الوصية إذا شاء السيد ، فتكون الوصية له ، ولا
تصح الوصية بمال الغير ، وإن أجاز المالك ـ كما يظهر من ملاحظة كلماتهم في كتاب
الوصية ـ فتكون الرواية على القول الأول أدل منها على القول الثاني.
وأما الآية الأولى
فإن كان الاستدلال بها من جهة وصف العبد بأنه لا يقدر ، فليس ذلك محل الكلام ، إذ
لا خلاف في أنه محجور عليه وإن قلنا بملكه. وإن كان من جهة أن المقابلة بين قوله
تعالى : ( عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ ) .. [١] وقوله تعالى : ( وَمَنْ
رَزَقْناهُ مِنّا رِزْقاً حَسَناً ) .. [٢] يدل على أن وصف المملوكية يراد منه عدم المالكية ، فكأنه
قال : « عبداً لا يجد شيئاً ولا يقدر على شيء » في مقابل من يجد شيئاً ويقدر عليه
، وإرادة عدم المالكية من المملوكية لا وجه له ، إلا لأن المملوكية مانعة من
المالكية. فالظاهر أن الوجه في المقابلة : مجرد عدم القدرة ، المراد بها الأعم من
عدم القدرة على التملك ، فكأنه قال تعالى :