واستقر الوجوب
عليه ، كما لو اعتقد أنه فقير لا مال له وتبين بعد ذلك أنه غني مستطيع ، كما تقدم
في المسألة الخامسة والعشرين.
نعم إذا كان خوف
على النفس كان السفر حراماً ، فلا يكون مستطيعاً واقعاً لحرمة السفر. أما إذا كان
الخوف على غير النفس ، فلأجل أنه لا يحرم السفر لا يخرج به عن كونه مستطيعاً
واقعاً ، إذا لم يكن مانع واقعاً من بقاء الاستطاعة. بل الظاهر أنه لا فرق بين
المستطيع ابتداء ومن استقر عليه الحج ، فإنه في السنين اللاحقة وإن كان يجب عليه
الحج متسكعاً ، لكن لا يجوز له السفر مع خوفه على النفس ، ولا يجب عليه مع وثوقه
بوجود الموانع عن الوصول. والوجه الذي ذكر ـ في المدارك وغيرها ـ لاعتبار الوثوق
إن تمَّ اقتضى اعتبار الوثوق ببقاء الباذل وقدرته على البذل ، ولا يختص باعتبار
الوثوق ببقاء البذل ، كما يقتضي أيضاً اعتبار الوثوق في الاستطاعة المالية.
فإذاً التحقيق ما
ذكرنا ، وأنه لا يعتبر الوثوق ببقاء البذل ، بل يكفي ـ في ثبوت الوجوب ظاهراً ـ قيام
الطرق العقلائية في البقاء ، من دون فرق بين الاستطاعة المالية والبذلية.
[١] قد عرفت : أن
الاستدلال المذكور إنما يصح لو كان القائل باعتبار الوثوق قائلاً باعتباره في
موضوع الحكم الواقعي ، أما لو كان قائلاً باعتباره في إثبات الوجوب ظاهراً فلا
مجال له.
[٢] كذا ذكر جماعة
، مرسلين له إرسال المسلمات ، منهم : العلامة في القواعد ، والمحقق والشهيد
الثانيان في جامع المقاصد والمسالك ، والسيد في المدارك ، والفاضل الهندي في كشف
اللثام ، وغيرهم ، من دون تعرض لخلاف أو إشكال.
اسم الکتاب : مستمسك العروة الوثقى المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 10 صفحة : 131