اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 7 صفحة : 155
..........
مهر المثل. و ظاهر الحكم بالاعتراض أنّه في المهر المسمّى خاصّة، لأنّ الفرض كون الزوج كفؤا، فلا اعتراض من حيث أصل العقد. و يحتمل أن يريد بالاعتراض في العقد أيضا، لأنّ الاحتمال قائم فيهما.
و وجه القول بالصحّة مطلقا و عدم الاعتراض: أنّ المفروض كون الزوج كفؤا، و الوليّ مأذون له في العقد شرعا. و المهر غير شرط في صحّة العقد، و يجوز بزيادة و نقصان. و النكاح ليس معاوضة محضة، لأن البضع ليس مالا بالحقيقة، و ليس الغرض الأصلي من النكاح المهر، بل التحصّن و النسل. و لأنّ الوليّ يجوز له العفو عن بعض المهر بعد ثبوته، فإسقاطه ابتداء أولى. و مع تحقّق الكفاءة لا يشترط في صحّة العقد وجود المصلحة، بل انتفاء المفسدة، و هو موجود بالفرض.
و هذا قول الشيخ في الخلاف [1]، و تعليله يدلّ على إرادة العموم الذي أشرنا إليه.
و وجه ما اختاره المصنف من جواز اعتراضها في المسمّى مطلقا: أنّ النكاح عقد معاوضة في الجملة و إن لم تكن محضة، و مقابلة البضع بدون عوض مثله ينجبر بالتخيير. و مجرّد المصلحة في ذلك غير كاف في عدم الاعتراض، كما لو باع الوكيل بدون ثمن المثل، و إن كان هناك مصلحة للموكّل. و الفرق بين البيع و النكاح- حيث حكم هنا بصحّة العقد دون البيع بأقلّ من ثمن المثل- ما أشرنا إليه من أنّ المهر ليس ركنا في النكاح، فلا مدخل له في صحّته و فساده، و إنّما جبر نقصه بالتخيير في فسخه و الرجوع إلى مهر المثل. و التعليل بجواز عفو الوليّ لا يدلّ على المدّعي، لأنّ عفوه ثبت على خلاف الأصل في موضع خاصّ، و هو كونه بعد الطلاق و قبل الدخول، فلا يتعدّى إلى غيره، لأنّ الأصل في تصرّفه مراعاة المصلحة للمولّى عليه.