اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 6 صفحة : 30
و إذا قبضت الهبة فإن كانت للأبوين، (1) لم يكن للواهب الرجوع إجماعا. و كذا إن كان ذا رحم غيرهما. و فيه خلاف.
و المفضَّل عليه على نقص كفسق و بدعة و استعانة بالمال على معصية و نحو ذلك، فلا يكره التفضيل حينئذ. و لا بأس به مع احتمال عموم الكراهة، لعموم الأدلّة و إطلاقها.
قوله: «و إذا قبضت الهبة فإن كانت للأبوين. إلخ».
(1) يفهم من قوله: «و فيه خلاف»- و ضميره يعود إلى غير الأبوين من ذي الرحم- أنّ الإجماع متحقّق في هبة الولد للوالدين خاصّة، فيدخل في الخلاف العكس، و هو هبتهما للولد. و في المختلف [1] عكس، فجعل الإجماع على لزوم هبة الأب ولده، و مع ذلك لم يذكر الأمّ فيه. و الظاهر أنّ الاتّفاق حاصل على الأمرين إلا من المرتضى في الانتصار [1]، فإنّه جعلها جائزة مطلقا ما لم يعوّض عنها، و إن قصد به التقرّب، و كأنّهم لم يعتدّوا بخلافه، لشذوذه، و العجب مع ذلك أنّه ادّعى إجماع الإماميّة عليه مع ظهور الإجماع على خلافه. و ذكر صاحب كشف الرموز [3] أنّه سأل المصنف- (رحمه اللّه)- عن وجه إخلاله بذكر الأولاد مع أنّ الإجماع واقع على لزوم الهبة لهم كالآباء، فأجابه بأنه كان زيغا للقلم. و هو يدلّ على اعترافه بالإجماع على الأمرين.
إذا تقرّر ذلك: فانحصر الخلاف في غيرهم من الأرحام، و قد اختلف الأصحاب في حكم هبته مع بقاء العين و عدم التصرّف فيها و التعويض عنها، فذهب الأكثر إلى لزومها، لعموم الأمر بالوفاء [4] بالعقود على ما فيه، و لأنّه مالك إجماعا، و الأصل استمرار ملكه في المتنازع، و لصحيحة محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام): «قال: الهبة و النِّحل يرجع فيهما صاحبهما إن شاء حيزت أو لم تحز إلا لذي
[1] الانتصار: 221- 223، لكنه فيما كان غير قاصد ثواب اللّه تعالى و وجهه.